٤٥٦٣ - وَرَوَاهُ مَالِكٌ. وَفِي رِوَايَتِهِ قَالَ: " «إِنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ. تَوَضَّأْ لَهُ "، فَتَوَضَّأَ لَهُ» .
ــ
٤٥٦٣ - (وَرَوَاهُ مَالِكٌ. وَفِي رُوَاتِهِ) : أَيْ رِوَايَةِ مَالِكٍ (قَالَ: إِنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ تَوَضَّأْ) : وَفِي نُسْخَةٍ: فَتَوَضَّأْ (لَهُ) : أَيْ لِسَهْلٍ (فَتَوَضَّأْ لَهُ) . قَالَ النَّوَوِيُّ: وَصْفُ وُضُوءِ الْعَائِنِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ أَنْ يُؤْتَى بِقَدَحِ مَاءٍ، وَلَا يُوضَعُ الْقَدَحُ عَلَى الْأَرْضِ فَيَأْخُذُ غَرْفَةً فَيَتَمَضْمَضُ، ثُمَّ يَمُجُّهَا فِي الْقَدَحِ، ثُمَّ يَأْخُذُ مِنْهُ مَا يَغْسِلُ بِهِ وَجْهَهُ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِشِمَالِهِ مَا يَغْسِلُ بِهِ كَفَّهُ الْيُمْنَى، ثُمَّ بِيَمِينِهِ مَا يَغْسِلُ بِهِ كَفَّهُ الْيُسْرَى، ثُمَّ بِشِمَالِهِ مَا يَغْسِلُ بِهِ مِرْفَقَهُ الْأَيْمَنَ، ثُمَّ بِيَمِينِهِ مَا يَغْسِلُ بِهِ مَرْفِقَهُ الْأَيْسَرَ وَلَا يَغْسِلُ مَا بَيْنَ الْمِرْفَقَيْنِ وَالْكَفَّيْنِ، ثُمَّ يَغْسِلُ قَدَمَهُ الْيُمْنَى، ثُمَّ الْيُسْرَى، ثُمَّ رُكْبَتَهُ الْيُمْنَى، ثُمَّ الْيُسْرَى عَلَى الصِّفَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَكُلُّ ذَلِكَ فِي الْقَدَحِ، ثُمَّ دَاخِلَةَ إِزَارِهِ، وَإِذَا اسْتَكْمَلَ هَذِهِ صَبَّهُ مِنْ خَلْفِهِ عَلَى رَأْسِهِ، وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يُمْكِنُ تَعْلِيلُهُ وَمَعْرِفَةُ وَجْهِهِ، إِذْ لَيْسَ فِي قُوَّةِ الْعَقْلِ الِاطِّلَاعُ عَلَى أَسْرَارِ جَمِيعِ الْمَعْلُومَاتِ، وَلَا يُدْفَعُ هَذَا بِأَنْ لَا يُعْقَلَ مَعْنَاهُ.
وَقَالَ الْمَازِرِيُّ: وَهَذَا أَمْرُّ وُجُوبٍ وَيُجْبَرُ الْعَائِنُ عَلَى الْوُضُوءِ لِلْمَعِينِ عَلَى الصَّحِيحِ. قَالَ: وَيَبْعُدُ الْخِلَافُ فِيهِ إِذَا خُشِيَ عَلَى الْمَعِينِ الْهَلَاكُ، وَكَانَ وُضُوءُ الْعَائِنِ مِمَّا جَرَتِ الْعَادَةُ بِالْبُرْءِ بِهِ، أَوْ كَانَ الشَّرْعُ أَخْبَرَ بِهِ خَبَرًا عَامًّا، وَلَمْ يَكُنْ زَوَالُ الْهَلَاكِ إِلَّا بِهِ، فَإِنَّهُ يَصِيرُ مِنْ بَابِ مَنْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ إِحْيَاءُ نَفْسٍ مُشْرِفَةٍ عَلَى الْهَلَاكِ. قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: قَالَ بَعْضُهُمْ: يَنْبَغِي إِذَا عُرِفَ أَحَدٌ بِالْإِصَابَةِ بِالْعَيْنِ أَنْ يُجْتَنِبَ عَنْهُ، وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ مَنْعُهُ مِنْ مُدَاخَلَةِ النَّاسِ، وَأَنْ يَأْمُرَهُ بِلُزُومِ بَيْتِهِ، فَإِنْ كَانَ فَقِيرًا رَزَقَهُ مَا يَكْفِيهِ، وَيَكُفُّ أَذَاهُ عَنِ النَّاسِ، فَضَرَرُهُ أَشَدُّ مِنْ ضَرَرِ آكِلِ الثُّومِ وَالْبَصَلِ الَّذِي نَهَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ، لِئَلَّا يُؤْذِيَ الْمُسْلِمِينَ، وَمِنْ ضَرَرِ الْمَجْذُومِ الَّذِي مَنَعَهُ عُمَرُ وَالْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ لِلِاحْتِيَاطِ بِالنَّاسِ، وَمِنْ ضَرَرِ الْمُؤْذِيَاتِ مِنَ الْمَوَاشِي الَّتِي يُؤْمَرُ بِتَغْرِيبِهَا إِلَى حَيْثُ لَا يَتَأَذَّى بِهَا أَحَدٌ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ هَذَا الْقَائِلُ صَحِيحٌ مُتَعَيَّنٌ، وَلَا يُعْرَفُ مِنْ غَيْرِهِ التَّصْرِيحُ بِخِلَافِهِ اهـ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute