غَيَّرَ أَبَا الْحَكَمِ عَلَى مَا سَبَقَ، فَالْحَكَمُ بِالْأَوْلَى كَمَا لَا يَخْفَى (وَغُرَابٍ) : لِأَنَّ مَعْنَاهُ الْبُعْدُ؛ وَلِأَنَّهُ أَخْبَثُ الطُّيُورِ لِوُقُوعِهِ عَلَى الْجِيَفِ وَبَحْثِهِ عَنِ النَّجَاسَاتِ. وَقَالَ شَارِحٌ: لِأَنَّ الْغُرَابَ طَيْرٌ مَذْمُومٌ شَرْعًا، أَوْ لِأَنَّهُ مِنَ الْغُرُوبِ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَحْسَنٍ فِي التَّفَاؤُلِ، يَعْنِي: وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحِبُّ الِاسْمَ الْحَسَنَ وَالْفَأْلَ الْحَسَنَ عَلَى مَا وَرَدَ كَمَا سَبَقَ. (وَحُبَابٍ) : بِضَمِّ الْحَاءِ وَمُوَحَّدَتَيْنِ اسْمُ الشَّيْطَانِ، وَيَقَعُ عَلَى الْحَيَّةِ أَوْ نَوْعٌ مِنْهَا (وَشِهَابٍ) : بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ؛ لِأَنَّهُ شُعْلَةُ نَارٍ سَاقِطَةٌ، وَالنَّارُ عِقَابُ الْكُفَّارِ، وَلِأَنَّهُ يُرْجَمُ بِهِ الشَّيْطَانُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إِذَا أُضِيفَ إِلَى الدِّينِ مَثَلًا لَا يَكُونُ مَكْرُوهًا.
(وَقَالَ) أَيْ: أَبُو دَاوُدَ اعْتِذَارًا عَنْ إِيرَادِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ مُعَلِّقًا (تَرَكْتُ أَسَانِيدَهَا لِلِاخْتِصَارِ) : وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ تَرَكْتُ اسْتِئْنَافُ تَعْلِيلٍ وَإِعَادَةٌ. قَالَ: لِطُولِ الْفَصْلِ هَذَا الَّذِي ظَهَرَ لِي فِي حَلِّ هَذَا الْمَحَلِّ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: قَوْلُهُ: وَقَالَ: تَرَكْتُ أَسَانِيدَهَا عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ قَالَ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ قَوْلُ رَاوِي أَبِي دَاوُدَ، يَقُولُ: رَوَى أَبُو دَاوُدَ أَحَادِيثَ مُتَعَدِّدَةً بِإِسْنَادِهِ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِيهَا: أَنَّهُ غَيَرَّ أَسَامِيَ رِجَالٍ، ثُمَّ عَطَفَ أَبُو دَاوُدَ قَوْلَهُ: وَغَيَّرَ إِلَخْ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى عَلَى الْمَذْكُورِ، ثُمَّ قَالَ: مَا ذَكَرْتُهُ مِنَ التَّغْيِيرِ وَرَدَ فِي أَحَادِيثَ مُتَفَرِّقَةٍ مُسْنَدَةٍ، وَإِنِّي تَرَكْتُ أَسَانِيدَهَا اخْتِصَارًا، كَذَا فِي شَرْحِ السُّنَّةِ، وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ: وَغَيَّرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَيَّرَ اسْمَ الْعَاصِ، وَلَعَلَّهُ سَهْوٌ مِنَ النَّاسِخِ اهـ. كَلَامُ الطِّيبِيِّ فَتَأَمَّلْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute