للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٧٧٧ - «وَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ - أَوْ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لِأَبِي مَسْعُودٍ -: مَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ فِي (زَعَمُوا؟) قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " بِئْسَ مَطِيَّةُ الرَّجُلِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَقَالَ: إِنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ حُذَيْفَةُ.

ــ

٤٧٧٧ - (وَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ) : وَهُوَ كُنْيَةُ حُذَيْفَةَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فِي اصْطِلَاحِ الْمُحَدِّثِينَ (أَوْ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لِأَبِي مَسْعُودٍ) : الشَّكُّ مِنْ أَحَدِ الرُّوَاةِ عَنْهُمَا (مَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ: أَيَّ شَيْءٍ سَمِعْتَهُ (يَقُولُ فِي: زَعَمُوا) أَيْ: فِي شَأْنِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ، أَوْ فِي حَقِّ هَذَا اللَّفْظِ، وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ " مَا " نَافِيَةً وَهَمْزَةُ الِاسْتِفْهَامِ مُقَدَّرَةً. أَيْ: أَمَا سَمِعْتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَطْعَنُ وَيَذْكُرُ الذَّمَّ فِيمَا اسْتَعْمَلَهُ النَّاسُ مِنْ قَوْلِهِمْ: زَعَمُوا وَيَنْسِبُونَ الْأَخْبَارَ إِلَيْهِمْ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ ظَنًّا وَحُسْبَانًا لَا تَحْقِيقًا وَإِيقَانًا. (قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: بِئْسَ مَطِيَّةُ الرَّجُلِ) : وَهُوَ بِفَتْحِ مِيمٍ وَكَسْرِ طَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَتَشْدِيدِ تَحْتِيَّةٍ أَيْ: مَرْكُوبُهُ، وَيُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ بَارْكِيرْ، يَعْنِي: إِذَا عَجَزَ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ تَعَلَّقَ بِهِ لِيُخَلِّصَ عُهْدَتَهُ. وَفِي الْقَامُوسِ: مَطَا: جَدَّ فِي السَّيْرِ، وَالْمَطِيَّةُ الَّتِي تَمْطُو فِي سَيْرِهَا، وَمَا أَحْسَنَ مُنَاسَبَةِ اشْتِقَاقِهَا بِالْمَقَامِ، فَإِنَّهُ شُبِّهَ بِهَا الْكَلَامُ الَّذِي لَمْ يُتَوَقَّفْ فِي تَحْقِيقِهِ، وَيَتَبَادَرْ فِيهِ إِلَى نَقْلِهِ وَنَشْرِهِ، ثُمَّ الْجُمْلَةُ مَفْعُولُ يَقُولُ، وَالْمَخْصُوصُ بِالذَّمِّ مَحْذُوفٌ لِلْعِلْمِ بِهِ أَيْ: بِئْسَ مَطِيَّةُ الرَّجُلِ زَعَمُوا، وَلَوْ رُوِيَتِ الْمَطِيَّةُ مَنْصُوبَةً لَكَانَ فِي بِئْسَ ضَمِيرٌ رَاجِعٌ إِلَى زَعَمُوا قِيلَ: أَرَادَ بِذَلِكَ النَّهْيَ عَنِ التَّكَلُّمِ بِكَلَامٍ يَسْمَعُهُ مِنْ غَيْرِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ صِحَّتَهُ، أَوْ عَنِ اخْتِرَاعِ الْقَوْلِ بِإِسْنَادِهِ إِلَى مَنْ لَا يُعْرَفُ، فَيَقُولُ: زَعَمُوا أَنَّهُ قَدْ كَانَ كَذَا وَكَذَا، فَيَتَّخِذُ قَوْلَهُ: زَعَمُوا مَطِيَّةً يَقْطَعُ بِهَا أَوْدِيَةَ الْإِسْهَابِ. وَقِيلَ: سَمَّاهُ مَطِيَّةً؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ يَتَوَصَّلُ بِهَذَا الْقَوْلِ إِلَى مَقْصُودٍ مِنْ إِثْبَاتِ شَيْءٍ، كَمَا أَنَّهُ يَتَوَصَّلُ إِلَى مَوْضِعٍ بِوَاسِطَةِ الْمَطِيَّةِ، وَتَوْضِيحُهُ مَا فِي النِّهَايَةِ: مِنْ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا مِنَ الْمَسِيرِ إِلَى بَلَدٍ وَالظَّعْنِ فِي حَاجَةٍ، رَكِبَ مَطِيَّةً وَسَارَ حَتَّى يَقْضِيَ إِرْبَهُ، فَشَبَّهَ مَا يُقَدِّمُهُ الْمُتَكَلِّمُ أَمَامَ كَلَامِهِ، وَيَتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى غَرَضِهِ مِنْ قَوْلِهِ: زَعَمُوا كَذَا وَكَذَا بِالْمَطِيَّةِ الَّتِي يُتَوَصَّلُ بِهَا إِلَى الْحَاجَةِ، وَإِنَّمَا يُقَالُ: زَعَمُوا فِي حَدِيثٍ لَا سَنَدَ لَهُ وَلَا ثَبْتَ فِيهِ، وَإِنَّمَا يُحْكَى عَنِ الْأَلْسُنِ عَلَى سَبِيلِ الْبَلَاغِ، فَذُمَّ مِنَ الْحَدِيثِ مَا كَانَ هَذَا سَبِيلَهُ، وَالزَّعْمُ: بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ الظَّنُّ اهـ.

وَفِي الْحَدِيثِ مُبَالَغَةٌ فِي الِاجْتِنَابِ عَنْ أَخْبَارِ النَّاسِ كَيْلَا يَقَعَ فِي الْكَذِبِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالْحَاكِمُ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: " «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ» " لِأَنَّ الرَّجُلَ إِذَا كَانَ مَذْمُومًا مَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>