٤٨٨٩ - وَعَنْهُ، «أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ كَانَ اسْمُهُ زَاهِرَ بْنَ حَرَامٍ، وَكَانَ يُهْدِي لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْبَادِيَةِ، فَيُجَهِّزُهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ زَاهِرًا بَادِيَتُنَا وَنَحْنُ حَاضِرُوهُ ". وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحِبُّهُ، وَكَانَ دَمِيمًا، فَأَتَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمًا وَهُوَ يَبِيعُ مَتَاعَهُ، فَاحْتَضَنَهُ مِنْ خَلْفِهِ وَهُوَ لَا يُبْصِرُهُ. قَالَ: أَرْسِلْنِي، مَنْ هَذَا؟ فَالْتَفَتَ فَعَرَفَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَعَلَ لَا يَأْلُو مَا أَلْزَقَ ظَهْرَهُ بِصَدْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ عَرَفَهُ، وَجَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " مَنْ يَشْتَرِي الْعَبْدَ؟ " فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذًا وَاللَّهِ تَجِدُنِي كَاسِدًا، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَكِنْ عِنْدَ اللَّهِ لَسْتَ بِكَاسِدٍ» رَوَاهُ فِي " شَرْحِ السُّنَّةِ ".
ــ
٤٨٨٩ - (وَعَنْهُ) أَيْ: عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ) : فِي الِاسْتِيعَابِ أَنَّهُ كَانَ حِجَازِيًّا يَسْكُنُ الْبَادِيَةَ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: أَشْجَعِيٌّ شَهِدَ بَدْرًا. (كَانَ اسْمُهُ زَاهِرَ بْنَ حَرَامٍ) أَيْ: ضِدُّ حَلَالٍ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُؤَلِّفُ فِي أَسْمَائِهِ (وَكَانَ يُهْدِي) : بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الدَّالِ (لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ: لِأَجْلِهِ أَوْ إِلَيْهِ وَفِي الشَّمَائِلِ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَدِيَّةً (مِنَ الْبَادِيَةِ) أَيْ: حَاصِلَةٌ مِمَّا يُوجَدُ فِي الْبَادِيَةِ مِنَ الثِّمَارِ وَالنَّبَاتِ وَالرَّيَاحِينِ وَالْأَدْوِيَةِ وَنَحْوِهَا. (فَيُجَهِّزُهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) ، بِتَشْدِيدِ الْهَاءِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِالتَّخْفِيفِ عَلَى مَا فِي الشَّمَائِلِ، أَيْ: يُعِدُّ لَهُ وَيُهَيِّئُ لَهُ أَسْبَابَهُ، وَيُعَوِّضُهُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي الْبَادِيَةِ مِنْ أَمْتِعَةِ الْبُلْدَانِ (إِذَا أَرَادَ) أَيْ: زَاهِرٌ (أَنْ يَخْرُجَ) أَيْ: مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى الْبَادِيَةِ (فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ زَاهِرًا بَادِيَتُنَا) أَيْ: سَاكِنُ بَادِيَتِنَا أَوْ صَاحِبُهَا أَوْ أَهْلُهَا، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّمَائِلِ: بَادِينَا مِنْ غَيْرِ تَاءٍ، وَالْبَادِي الْمُقِيمُ بِالْبَادِيَةِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِي} [الحج: ٢٥] ، وَهُوَ فِي الْمَعْنَى أَظْهَرُ مِنَ الْأَوَّلِ (وَنَحْنُ حَاضِرُوهُ) : مِنَ الْحُضُورِ، وَهُوَ الْإِقَامَةُ فِي الْمُدُنِ وَالْقُرَى. قَالَ الطِّيبِيُّ: مَعْنَاهُ أَنَّا نَسْتَفِيدُ مِنْهُ مَا يَسْتَفِيدُ الرَّجُلُ مِنْ بَادِيَتِهِ مِنْ أَنْوَاعِ النَّبَاتَاتِ، وَنَحْنُ نُعِدُّ لَهُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الْبَلَدِ. اهـ. وَصَارَ الْمَعْنَى كَأَنَّهُ بَادِيَتُهُ، وَقِيلَ: تَاؤُهُ لِلْمُبَالَغَةِ، وَقِيلَ: مِنْ إِطْلَاقِ اسْمِ الْمَحِلِّ عَلَى الْحَالِ. (وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحِبُّهُ) أَيْ: حُبًّا شَدِيدًا (وَكَانَ) : مَعَ حُسْنِ سِيرَتِهِ (رَجُلًا دَمِيمًا) ، بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ: قَبِيحَ الْمَنْظَرِ كَرِيهَ الصُّورَةِ (فَأَتَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) : بِالرَّفْعِ، أَيْ: فَجَاءَهُ أَوْ مَرَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (يَوْمًا وَهُوَ) أَيْ: زَاهِرٌ (يَبِيعُ مَتَاعَهُ) أَيْ: فِي سُوقٍ أَوْ فَضَاءٍ (فَاحْتَضَنَهُ) : وَفِي الشَّمَائِلِ بِالْوَاوِ، أَيْ: أَخَذَهُ مِنْ حِضْنِهِ وَهُوَ مَا دُونَ الْإِبْطِ إِلَى الْكَشْحِ (مِنْ خَلْفِهِ) أَيْ: مِنْ جِهَةِ وَرَائِهِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ عَانَقَهُ مِنْ خَلْفِهِ بِأَنْ أَدْخَلَ يَدَيْهِ تَحْتَ إِبْطَيْ زَاهِرٍ، وَأَخَذَ عَيْنَيْهِ بِيَدَيْهِ لِئَلَّا يَعْرِفَهُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ عَقِبِهِ مِنْ غَيْرِ أَخْذِ عَيْنَيْهِ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ. (وَهُوَ لَا يُبْصِرُ) : جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ، وَفِي الشَّمَائِلِ وَلَا يُبْصِرُ، وَفِي نُسْخَةٍ: وَلَا يُبْصِرُهُ (فَقَالَ: أَرْسِلْنِي) أَيْ: أَطْلِقْنِي (مَنْ هَذَا؟) أَيِ: الْمُعَانِقُ، وَفِي الشَّمَائِلِ مَنْ هَذَا أَرْسِلْنِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute