٤٩٠٠ - «وَعَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ أَبِي: انْطَلَقْتُ فِي وَفْدِ بَنِي عَامِرٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْنَا: أَنْتَ سَيِّدُنَا، فَقَالَ: " السَّيِّدُ اللَّهُ " فَقُلْنَا وَأَفْضَلُنَا فَضْلًا، وَأَعْظَمُنَا طَوْلًا. فَقَالَ: " قُولُوا قَوْلَكُمْ، أَوْ بَعْضَ قَوْلِكُمْ، وَلَا يَسْتَجْرِيَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ.
ــ
٤٩٠٠ - (وَعَنْ مُطَرِّفِ) : بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَكْسُورَةِ (ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ) : بِكَسْرٍ فَتَشْدِيدِ خَاءٍ مُعْجَمَةٍ وَفِي نُسْخَةٍ بِالتَّعْرِيفِ. قَالَ الْمُؤَلِّفُ فِي فَصْلِ التَّابِعِينَ: مُطَرِّفٌ عَامِرِيٌّ بَصْرِيٌّ، رَوَى عَنْ أَبِي ذَرٍّ وَعُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، وَفَدَ أَبُوهُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَنِي عَامِرٍ، رَوَى عَنْهُ ابْنَاهُ مُطَرِّفٌ وَيَزِيدُ. (قَالَ) أَيْ: قَالَ أَبِي: (انْطَلَقْتُ) : كَمَا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ، ذَكَرَهُ السَّيِّدُ جَمَالُ الدِّينِ، وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ أَسْمَاءِ الرِّجَالِ (فِي وَفْدِ بَنِي عَامِرٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ) أَيْ: قَاصِدِينَ وَمُتَوَجِّهِينَ إِلَيْهِ (- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْنَا) أَيْ: بَعْدَمَا وَصَلْنَا (أَنْتَ سَيِّدُنَا، فَقَالَ: " السَّيِّدُ اللَّهُ) ، وَفِي نُسْخَةٍ السَّيِّدُ هُوَ اللَّهُ. بِزِيَادَةِ ضَمِيرِ الْفَصْلِ لِمَزِيدِ تَأْكِيدِ إِفَادَةِ الْحَصْرِ مُبَالَغَةً فِي تَعْظِيمِ رَبِّهِ وَتَوَاضُعِ نَفْسِهِ، فَحُوِّلَ الْأَمْرُ فِيهِ إِلَى الْحَقِيقَةِ مُرَاعَاةً لِآدَابِ الشَّرِيعَةِ وَالطَّرِيقَةِ، أَيِ: الَّذِي يَمْلِكُ نَوَاصِيَ الْخَلْقِ وَيَتَوَلَّاهُمْ وَيَسُوسُهُمْ هُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَهَذَا لَا يُنَافِي سِيَادَتَهُ الْمَجَازِيَّةَ الْإِضَافِيَّةَ الْمَخْصُوصَةَ بِالْأَفْرَادِ الْإِنْسَانِيَّةِ ; حَيْثُ قَالَ: " «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ» " أَيْ: لَا أَقُولُ افْتِخَارًا، بَلْ تَحَدُّثًا بِنِعْمَةِ اللَّهِ وَإِخْبَارًا بِمَا أَمَرَنِي اللَّهُ، وَإِلَّا فَقَدَ رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: أَبُو بَكْرٍ سَيِّدُنَا وَأَعْتَقَ سَيِّدَنَا يَعْنِي بِلَالًا. اهـ. وَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى بِلَالٍ تَوَاضُعٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (فَقُلْنَا: وَأَفْضَلُنَا فَضْلًا) أَيْ: مَزِيَّةً وَمَرْتَبَةً وَنَصْبُهُ عَلَى التَّمْيِيزِ (وَأَعْظَمُنَا طَوْلًا) أَيْ: عَطَاءً لِلْأَحِبَّاءِ وَعُلُوًّا عَلَى الْأَعْدَاءِ، وَالْوَاوُ الْأُولَى اسْتِئْنَافِيَّةٌ لِرَبْطِ الْكَلَامِ، أَوْ مِنْ قَبِيلِ الْعَطْفِ عَلَى التَّوَهُّمِ. (فَقَالَ: قُولُوا قَوْلَكُمْ) أَيْ: مَجْمُوعَ مَا قُلْتُمْ، أَوْ هَذَا الْقَوْلُ وَنَحْوُهُ (أَوْ بَعْضَ قَوْلِكُمْ) أَيِ: اقْتَصِرُوا عَلَى إِحْدَى الْكَلِمَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَى الْمُبَالَغَةِ بِهِمَا، وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ " أَوْ " بِمَعْنَى " بَلْ " أَيْ: بَلْ قُولُوا بَعْضَ مَا قُلْتُمْ مُبَالَغَةً فِي التَّوَاضُعِ، وَقِيلَ: قُولُوا قَوْلَكُمُ الَّذِي جِئْتُمْ لِأَجْلِهِ وَقَصَدْتُمُوهُ وَدَعُوا غَيْرَكُمْ مِمَّا لَا يَعْنِيكُمْ، وَنَظِيرُهُ «قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِجُوَيْرِيَّاتٍ يَضْرِبْنَ بِالدُّفِّ وَيَنْدُبْنَ مَنْ قُتِلَ مِنْ آبَائِهِنَّ يَوْمَ بَدْرٍ، إِذْ قَالَتْ إِحْدَاهُنَّ: وَفِينَا نَبِيٌّ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ: " دَعِي هَذِهِ وَقُولِي مَا كُنْتِ تَقُولِينَ» ، أَوْ قُولُوا قَوْلَكُمُ الْمُعْتَادَ الْمُسْتَرْسَلَ فِيهِ عَلَى السَّجِيَّةِ دُونَ الْمُسْتَعْمَلِ لِلْإِطْرَاءِ وَالتَّكَلُّفِ لِمَزِيدِ الثَّنَاءِ "، وَحَاصِلُهُ لَا تُبَالِغُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute