للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥١٠٥ - وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

٥١٠٥ - (وَعَنْهُ) أَيْ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيْسَ الشَّدِيدُ) أَيِ: الْقَوِيُّ كَامِلُ الْقُوَّةِ (بِالصُّرَعَةِ) : بِضَمٍّ فَفَتَحِ هَمْزَةٍ مِنْ يُكْثِرُ الصَّرْعَ وَهُوَ إِسْقَاطُ الْمُصَارِعِ لَهُ، لِأَنَّهُ قُوَّةٌ صُورِيَّةٌ نَفْسِيَّةٌ، فَنِّيَّةُ (إِنَّمَا الشَّدِيدُ) أَيِ: الْكَامِلُ (الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عَنْدَ الْغَضَبِ) : فَإِنَّهُ قُوَّةٌ دِينِيَّةٌ مَعْنَوِيَّةٌ إِلَهِيَّةٌ بَاقِيَةٌ، فَحَوَّلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعْنَى هَذَا الِاسْمِ مِنَ الْقُوَّةِ الظَّاهِرَةِ إِلَى الْبَاطِنَةِ، وَمِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا إِلَى الدِّينِ. وَفِي النِّهَايَةِ: الصُّرَعَةُ بِضَمِّ الصَّادِ وَفَتْحِ الرَّاءِ الْمُبَالِغُ فِي الصَّرْعِ الَّذِي لَا يُغْلَبُ، فَنَقَلَهُ إِلَى الَّذِي يَمْلِكَ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ، فَإِنَّهُ إِذَا مَلَكَهَا كَانَ قَدْ قَهَرَ أَقْوَى أَعْدَائِهِ وَشَرَّ خُصُومِهِ، وَلِذَلِكَ قَالَ: أَعْدَى عَدُوِّكَ نَفْسُكَ الَّتِي بَيْنَ جَنْبَيْكَ، وَهَذَا مِنَ الْأَلْفَاظِ الَّتِي نَقَلَهَا عَنْ وَضْعِهَا اللُّغَوِيِّ بِضَرْبٍ مِنَ التَّوَسُّعِ وَالْمَجَازِ، وَهُوَ مِنْ فَصِيحِ الْكَلَامِ ; لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْغَضْبَانُ بِحَالَةٍ شَدِيدَةٍ مِنَ الْغَيْظِ، وَقَدْ ثَارَتْ عَلَيْهِ شَهْوَةُ الْغَضَبِ، فَقَهَرَ بِحِلْمِهِ وَصَرَعَهَا بِثَبَاتِهِ كَانَ كَالصُّرَعَةِ الَّذِي يَصْرَعُ الرِّجَالَ وَلَا يَصْرَعُونَهُ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) : وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>