خَالِصٍ لِلَّهِ تَعَالَى (آخِذٍ) : بِصِيغَةِ الْفَاعِلِ أَيْ: مَاسِكٍ (بِعِنَانِ فَرَسِهِ) : بِكَسْرِ الْعَيْنِ أَيْ: بِلِجَامِهِ (فِي سَبِيلِ اللَّهِ) أَيْ: طَرِيقِ الْجِهَادِ (أَشْعَثَ) : بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ صِفَةُ عَبْدٍ أَوْ حَالٌ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ (رَأْسُهُ) مَرْفُوعٌ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ الْأَشْعَثَ وَهُوَ مُغْبَرُّ الرَّأْسِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِرَفْعِهِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، وَالْجُمْلَةُ صِفَةُ عَبْدٍ، وَقَوْلُهُ: (مُغْبَرَّةٍ) : بِالنَّصْبِ وَفِي نُسْخَةٍ بِالرَّفْعِ، وَفِي أُخْرَى بِالْجَرِّ عَلَى أَنَّهَا صِفَةُ عَبْدٍ، وَقَوْلُهُ: (قَدَمَاهُ) : فَاعِلُهَا.
وَقَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: أَشْعَثَ وَمُغْبَرَّةً حَالَانِ مِنَ الضَّمِيرِ فِي آخِذٍ لِاعْتِمَادِهِ عَلَى الْمَوْصُوفِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَا حَالَيْنِ مِنَ الْعَبْدِ ; لِأَنَّ مَوْصُوفَ (إِنْ كَانَ) أَيْ: ذَاكَ الْعَبْدُ (فِي الْحِرَاسَةِ) : بِكَسْرِ الْحَاءِ أَيْ: حِمَايَةِ الْجَيْشِ وَمُحَافَظَتِهِمْ عَنْ أَنْ يَتَهَجَّمَ عَلَيْهِمْ عَدُوُّهُمْ (كَانَ) أَيْ: كَامِلًا (فِي الْحِرَاسَةِ) : غَيْرَ مُقَصِّرٍ فِيهَا بِالنَّوْمِ وَالْغَفْلَةِ وَنَحْوِهِمَا، وَالْحِرَاسَةُ وَإِنْ كَانَتْ فِي اللُّغَةِ أَعَمَّ لَكِنَّهَا فِي الْعُرْفِ مُخْتَصَّةٌ بِمُقَدِّمَةِ الْعَسْكَرِ، وَلِذَا قَالَ: (وَإِنْ كَانَ فِي السَّاقَةِ) أَيْ: فِي مُؤَخَّرَةِ الْجَيْشِ (كَانَ فِي السَّاقَةِ) أَيْ: كَامِلًا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ أَيْضًا بِأَنْ لَا يَخَافَ مِنَ الِانْقِطَاعِ، وَلَا يَهْتَمَّ إِلَى السَّبْقِ بَلْ يُلَازِمُ مَا هُوَ لِأَجْلِهِ، وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْمَعَانِي أَنَّ الشَّرْطَ وَالْجَزَاءَ إِذَا اتَّحَدَا يُرَادُ بِالْجَزَاءِ الْكَمَالُ، فَالْمَعْنَى إِنْ كَانَ فِي الْحِرَاسَةِ أَوِ السَّاقَةِ يَبْذُلُ جُهْدَهُ فِيهَا، وَلَا يَغْفُلُ عَنْهَا عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ. قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: أَرَادَ بِالْحِرَاسَةِ حِرَاسَتَهُ مِنَ الْعَدُوِّ أَنْ يَهْجُمَ عَلَيْهِمْ، وَذَلِكَ يَكُونُ فِي مُقَدِّمَةِ الْجَيْشِ، وَالسَّاقَةُ مُؤَخَّرَةُ الْجَيْشِ، فَالْمَعْنَى ائْتِمَارُهُ لِمَا أُمِرَ، وَإِقَامَتُهُ حَيْثُ أُقِيمَ، لَا يُفْقَدُ مِنْ مَكَانِهِ بِحَالٍ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْحِرَاسَةَ وَالسَّاقَةَ لِأَنَّهُمَا أَشَدُّ مَشَقَّةً، وَأَكْثَرُ آفَةً، الْأَوَّلُ عِنْدَ دُخُولِهِمْ دَارَ الْحَرْبِ، وَالْآخِرُ عِنْدَ خُرُوجِهِمْ. (إِنِ اسْتَأْذَنَ) أَيْ: طَلَبَ الْإِذْنَ فِي دُخُولِ مَحْفِلٍ، وَفِي نُسْخَةٍ: إِذَا اسْتَأْذَنَ (لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ) أَيْ: لِعَدَمِ مَالِهِ وَجَاهِهِ (وَإِنْ شَفَعَ) أَيْ: لِأَحَدٍ (لَمْ يُشْفَّعْ) : بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ الْمَفْتُوحَةِ أَيْ: لَمْ تُقْبَلْ شَفَاعَتُهُ، وَتَوْضِيحَهُ مَا قِيلَ أَنَّ فِيهِ إِشَارَةً إِلَى عَدَمِ الْتِفَاتِهِ إِلَى الدُّنْيَا وَأَرْبَابِهَا بِحَيْثُ يَفْنَى بِكُلِّيَّتِهِ فِي نَفْسِهِ، لَا يَبْتَغِي مَالًا وَلَا جَاهًا عِنْدَ النَّاسِ، بَلْ يَكُونُ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا، وَلَمْ يَقْبَلِ النَّاسُ شَفَاعَتَهُ، وَعِنْدَ اللَّهِ يَكُونُ شَفِيعًا مُشَفَّعًا. (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) : وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ صَدْرَ الْحَدِيثُ بِلَفْظِ: " «لُعِنَ عَبْدُ الدِّرْهَمِ» " مُخْتَصَرًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute