للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥١٦٢ - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «إِنَّ مِمَّا أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِي مَا يُفْتَحُ عَلَيْكُمْ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا " فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَوَيَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ؟ فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ يُنَزَّلُ عَلَيْهِ، قَالَ فَمَسَحَ عَنْهُ الرُّحَضَاءَ وَقَالَ: " أَيْنَ السَّائِلُ؟ وَكَأَنَّهُ حَمِدَهُ فَقَالَ: إِنَّهُ لَا يَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ، وَإِنَّ مِمَّا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ مَا يَقْتُلُ حَبَطًا أَوْ يُلِمُّ، إِلَّا آكِلَةَ الْخَضِرِ أَكَلَتْ حَتَّى امْتَدَّتْ خَاصِرَتَاهَا، اسْتَقْبَلَتْ عَيْنَ الشَّمْسِ فَثَلَطَتْ وَبَالَتْ ثُمَّ عَادَتْ فَأَكَلَتْ. وَإِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِحَقِّهِ، وَوَضَعَهُ فِي حَقِّهِ فَنِعْمَ الْمَعُونَةُ هُوَ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ كَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ، وَيَكُونُ شَهِيدًا عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ) . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

٥١٦٢ - (وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " إِنَّ مِمَّا أَخَافُ عَلَيْكُمْ) أَيْ: مِنْ جُمْلَةِ مَا أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَيُّهَا الصَّحَابَةُ أَوْ أَيُّهَا الْأُمَّةُ (مِنْ بَعْدِي) أَيْ: بَعْدَ وَفَاتِي وَفَقْدِ حَيَاتِي (مَا يُفْتَحُ عَلَيْكُمْ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا) : بِفَتْحِ الزَّايِ: وَسُكُونُ الْهَاءِ وَبِفَتْحٍ، فَفِي الْقَامُوسِ: الزَّهْرَةُ وَيُحَرَّكُ النَّبَاتُ أَوْ نَوْرُهُ أَوِ الْأَصْفَرُ مِنْهُ، وَالْمُرَادُ حُسْنُهَا وَبَهْجَتُهَا، فَقَوْلُهُ: (وَزِينَتُهَا) : عَطْفُ تَفْسِيرٍ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالزَّهْرَةِ إِشَارَةً إِلَى حُدُوثِهَا حُلْوَةً خَضِرَةً وَسُرْعَةِ فِنَائِهَا، وَالْمَعْنَى أَنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنَّ كَثْرَةَ أَمْوَالِكُمْ عِنْدَ فَتْحِ بِلَادِكُمْ تَمْنَعُكُمْ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَتَشْغَلُكُمْ عَنِ الْعُلُومِ النَّافِعَةِ، وَتُحَدِثُ فِيكُمُ الْأَخْلَاقَ الدَّنِيَّةَ مِنَ التَّكَبُّرِ وَالْعُجْبِ وَالْغُرُورِ وَمَحَبَّةِ الْمَالِ وَالْجَاهِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا مِنْ لَوَازِمِ الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ، وَالْإِعْرَاضِ عَنِ الِاسْتِعْدَادِ لِلْمَوْتِ، وَمَا بَعْدَهُ حَتَّى الْأَحْوَالِ الْأُخْرَوِيَّةِ ( «فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَوَيَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ» ؟) : بِفَتْحِ الْوَاوِ، وَالِاسْتِفْهَامُ لِلِاسْتِرْشَادِ، وَالْمَعْنَى أَيُفْتَحُ عَلَيْنَا وَيَأْتِي الْخَيْرُ مِنَ الْغَنَائِمِ وَالْمَالِ وَالْحَلَالِ، وَتَوْسِيعِ الرِّزْقِ مَصْحُوبًا بِالشَّرِّ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهِ تَرْكُ الْخَيْرِ مِنَ الطَّاعَةِ وَالْعِبَادَةِ مِمَّا يُخَافُ عَلَيْنَا. وَقِيلَ: الْبَاءُ صِلَةُ يَأْتِي وَهِيَ لِلتَّعْدِيَةِ أَيْ: هَلْ يَسْتَجْلِبُ الْخَيْرُ الشَّرَّ، وَتَوْضِيحُهُ أَنَّ حُصُولَ الْغَنِيمَةِ لَنَا خَيْرٌ، وَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ الْخَيْرُ سَبَبًا لِلشَّرِّ؟ (فَسَكَتَ) أَيْ: مُتَأَمِّلًا أَوْ مُسْتَغْرِقًا أَوْ مُنْتَظِرًا لِلْوَحْيِ سُكُوتًا مُمْتَدًّا، (حَتَّى ظَنَّنَا أَنَّهُ يُنَزَّلُ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ: نَزَلَ الْوَحْيُ (عَلَيْهِ) أَيْ: بِوَاسِطَةِ جِبْرِيلَ وَإِلَّا فَهُوَ مَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى إِمَّا وَحْيًا جَلِيًّا أَوْ خَفِيًّا.

(قَالَ) أَيِ: الرَّاوِي (فَمَسَحَ عَنْهُ) أَيْ: عَنْ وَجْهِهِ الشَّرِيفِ (الرُّحَضَاءَ) : بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالْمَدِّ، عَرَقُ الْحُمَّى عَلَيْهِ مَا فِي الْمُقَدِّمَةِ، وَالْمُرَادُ هُنَا عَرَقٌ يَظْهَرُ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ نُزُولِ

<<  <  ج: ص:  >  >>