الْفَصْلُ الثَّالِثُ
٥٢٨١ - عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «أَوَّلُ صَلَاحِ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْيَقِينُ وَالزُّهْدُ، وَأَوَّلُ فَسَادِهَا الْبُخْلُ وَالْأَمَلُ» ". رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي (شُعَبِ الْإِيمَانِ) .
ــ
٥٢٨١ - (عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «أَوَّلُ صَلَاحِ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْيَقِينُ» ") أَيْ: فِي أَمْرِ الْعُقْبَى (" وَالزُّهْدِ ") أَيْ: فِي شَأْنِ الدُّنْيَا (" وَأَوَّلُ فَسَادِهَا الْبُخْلُ ") : بِضَمٍّ فَسُكُونٍ وَبِفَتْحَتَيْنِ وَهُوَ الْأَنْسَبُ هُنَا لِمُشَاكَلَةِ قَوْلِهِ: (" وَالْأَمَلُ ") . فَالْأَمَلُ إِنَّمَا هُوَ الْغَفْلَةُ عَنْ سُرْعَةِ الْقِيَامَةِ الصُّغْرَى وَالْكُبْرَى، وَالْبُخْلُ إِنَّمَا يَنْشَأُ مِنْ حُبِّ الدُّنْيَا، وَيَقْرُبُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ مَعْنَى قَوْلِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ: صَلَاحُ الدِّينِ الْوَرَعُ وَفَسَادُهُ الطَّمَعُ. قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: مَعْنَاهُ أَنَّ الْيَقِينَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ الْمُتَكَفِّلُ لِلْأَرْزَاقِ {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [هود: ٦] فَمَنْ تَيَقَّنَ هَذَا زَهِدَ فِي الدُّنْيَا فَلَمْ يَأْمُلْ وَلَمْ يَبْخَلْ ; لِأَنَّ الْبَخِيلَ إِنَّمَا يُمْسِكُ الْمَالَ لِطُولِ الْأَمَلِ وَعَدَمِ الْيَقِينِ.
رُوِيَ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: تَلَوْتُ عَلَى أَعْرَابِيٍّ وَالذَّارِيَاتِ فَلَمَّا بَلَغْتُ قَوْلَهُ: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات: ٢٢] قَالَ: حَسْبُكَ، وَقَامَ إِلَى نَاقَتِهِ فَنَحَرَهَا وَوَزَّعَهَا عَلَى مَنْ أَقْبَلَ وَأَدْبَرَ، وَعَمَدَ إِلَى سَيْفِهِ وَقَوْسِهِ فَكَسَرَهُمَا وَوَلَّى، فَلَقِيتُهُ فِي الطَّوَافِ قَدْ نَحَلَ جِسْمُهُ وَاصْفَرَّ لَوْنُهُ، فَسَلَّمَ عَلَيَّ وَاسْتَقْرَأَ السُّورَةَ، فَلَمَّا بَلَغْتُ الْآيَةَ صَاحَ وَقَالَ: قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا، قَالَ: وَهَلْ غَيْرُ هَذَا؟ فَقَرَأْتُ: {فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ} [الذاريات: ٢٣] فَصَاحَ وَقَالَ: يَا سُبْحَانَ اللَّهِ! مَنْ ذَا الَّذِي أَغْضَبَ الْجَلِيلَ حَتَّى حَلَفَ فَلَمْ يُصَدِّقُوهُ بِقَوْلِهِ حَتَّى أَلْجَأَهُ إِلَى الْيَمِينِ، قَالَهَا ثَلَاثًا وَخَرَجَتْ مَعَهَا نَفْسُهُ. (رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي " شُعَبِ الْإِيمَانِ ") .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute