للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٥٣٩٦ - «وَعَنْ حُذَيْفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَيَكُونُ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ، كَمَا كَانَ قَبْلَهُ شَرٌّ؟ قَالَ: " نَعَمْ "، قُلْتُ: فَمَا الْعِصْمَةُ؟ قَالَ: " السَّيْفُ "، قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ السَّيْفِ بَقِيَّةٌ؟ قَالَ " نَعَمْ " تَكُونُ إِمَارَةُ أَقْذَاءٍ، وَهُدْنَةٌ عَلَى دَخَنٍ ". قُلْتُ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: " ثُمَّ يَنْشَأُ دُعَاةُ الضَّلَالِ، فَإِنْ كَانَ لِلَّهِ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةٌ جَلَدَ ظَهْرَكَ، وَأَخَذَ مَالَكَ، فَأَطِعْهُ، وَإِلَّا فَمُتْ وَأَنْتَ عَاضٌّ عَلَى جَذْلِ شَجَرَةٍ قُلْتُ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: " ثُمَّ يَخْرُجُ الدَّجَّالُ بَعْدَ ذَلِكَ، مَعَهُ نَهْرٌ وَنَارٌ، فَمَنْ وَقَعَ فِي نَارِهِ، وَجَبَ أَجْرُهُ، وَحُطَّ وِزْرُهُ، وَمَنْ وَقَعَ فِي نَهْرِهِ، وَجَبَ وِزْرُهُ، وَحُطَّ أَجْرُهُ ". قَالَ: قُلْتُ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: ثُمَّ يُنْتَجُ الْمُهْرُ فَلَا يُرْكَبُ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ "، وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ: " هُدْنَةٌ عَلَى دَخَنٍ، وَجَمَاعَةٌ عَلَى أَقْذَاءٍ "، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! الْهُدْنَةُ عَلَى الدَّخَنِ مَا هِيَ؟ قَالَ: " لَا تَرْجِعُ قُلُوبُ أَقْوَامٍ عَلَى الَّذِي كَانَتْ عَلَيْهِ "، قُلْتُ: بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ: " فِتْنَةٌ عَمْيَاءُ صَمَّاءُ، عَلَيْهَا دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ النَّارِ، فَإِنْ مُتَّ يَا حُذَيْفَةُ! وَأَنْتَ عَاضٌّ عَلَى جَذْلٍ خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَتْبَعَ أَحَدًا مِنْهُمْ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

ــ

٥٣٩٦ - (وَعَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَيَكُونُ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ) أَيِ: الْإِسْلَامُ وَالنِّظَامُ التَّامُّ، الْمُشَارُ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: ٣] ، وَالْمَعْنَى: أَيُوجَدُ وَيَحْدُثُ بَعْدَ وُجُودِ هَذَا الْخَيْرِ (شَرٌّ، كَمَا كَانَ قَبْلَهُ) أَيْ: قَبْلَ الْخَيْرِ مِنَ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ زَمَنُ الْجَاهِلِيَّةِ (شَرٌّ؟ قَالَ: " نَعَمْ ") أَيْ: لِأَنَّ مَا وَرَاءَ كُلِّ كَمَالٍ زَوَالٌ، إِلَّا كَمَالَ ذِي الْجَلَالِ وَالْجَمَالِ، (قُلْتُ: فَمَا الْعِصْمَةُ؟) أَيْ: فَمَا طَرِيقُ النَّجَاةِ، مِنَ الثَّبَاتِ عَلَى الْخَيْرِ، وَالْمُحَافَظَةِ عَنِ الْوُقُوعِ فِي ذَلِكَ الشَّرِّ؟ (قَالَ: " السَّيْفُ ") أَيْ: تَحْصُلُ الْعِصْمَةُ بِاسْتِعْمَالِ السَّيْفِ، أَوْ طَرِيقُهَا أَنْ تَضْرِبَهُمْ بِالسَّيْفِ. قَالَ قَتَادَةُ: الْمُرَادُ بِهَذِهِ الطَّائِفَةِ هُمُ الَّذِينَ ارْتَدُّوا بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي زَمَنِ خِلَافَةِ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَذَا ذَكَرَهُ الشُّرَّاحُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَشْمَلَ مَا وَقَعَ مِنْ مُعَاوِيَةَ مَعَ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فَإِنَّ الْحَقَّ كَانَ مَعَ عَلِيٍّ، وَأَنَّ الْعِصْمَةَ كَانَتْ بِالْمُقَاتَلَةِ مَعَ مُعَاوِيَةَ ; كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ عَمَّارٍ: " «تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ» وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: ٩] ، (قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ السَّيْفِ فِتْنَةٌ؟) أَيْ: مِنَ الشَّرِّ أَوْ مِنَ الْخَيْرِ. قَالَ شَارِحٌ: أَيْ: هَلْ يَبْقَى الْإِسْلَامُ بَعْدَ مُحَارَبَتِنَا إِيَّاهِمْ؟ (قَالَ: " نَعَمْ، تَكُونُ إِمَارَةٌ ") بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ أَيْ: وِلَايَةٌ وَسُلْطَةٌ، (" عَلَى أَقْذَاءِ ") فِي النِّهَايَةِ: الْأَقْذَاءُ جَمْعُ قَذًى، وَالْقَذَى جَمْعُ قَذَاةٍ، وَهِيَ مَا يَقَعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>