للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٦٤٢ - وَعَنْ بُرَيْدَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ فِي الْجَنَّةِ مِنْ خَيْلٍ؟ قَالَ: " إِنِ اللَّهُ أَدْخَلَكَ الْجَنَّةَ فَلَا تَشَاءُ أَنْ تُحْمَلَ فِيهَا عَلَى فَرَسٍ مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ يَطِيرُ بِكَ فِي الْجَنَّةِ حَيْثُ شِئْتَ إِلَّا فَعَلْتَ " وَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ فِي الْجَنَّةِ مِنْ إِبِلٍ؟ فَإِنِّي أُحِبُّ الْإِبِلَ. قَالَ: فَلَمْ يَقُلْ لَهُ مَا قَالَ لِصَاحِبِهِ، فَقَالَ: " إِنْ يُدْخِلْكَ اللَّهُ الْجَنَّةَ يَكُنْ لَكَ فِيهَا مَا اشْتَهَتْ نَفْسُكَ وَلَذَّتْ عَيْنُكَ» ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

ــ

٥٦٤٢ - (وَعَنْ بُرَيْدَةَ) : بِالتَّصْغِيرِ ( «أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ فِي الْجَنَّةِ مِنْ خَيْلٍ؟» قَالَ: (إِنِ اللَّهُ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ النُّونِ عَلَى أَنَّ إِنْ شَرْطِيَّةٌ، ثُمَّ كُسِرَ لِلِالْتِقَاءِ. قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: مَرْفُوعٌ بِفِعْلٍ يُفَسِّرُهُ مَا بَعْدَهُ، وَهُوَ (أَدْخَلَكَ الْجَنَّةَ) : وَلَا يَجُوزُ رَفْعُهُ عَلَى الِابْتِدَاءِ؛ لِوُقُوعِهِ بَعْدَ حَرْفِ الشَّرْطِ، وَقَوْلُهُ: (فَلَا تَشَاءُ أَنْ تُحْمَلَ فِيهَا) جَوَابٌ لِلشَّرْطِ أَيْ: فَلَا تَشَاءُ الْحَمْلَ فِي الْجَنَّةِ ( «عَلَى فَرَسٍ مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ يَطِيرُ» ) بِالتَّذْكِيرِ وَيُؤَنَّثُ، فَفِي الْقَامُوسِ: الْفَرَسُ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، أَيْ: يُسْرِعُ (بِكَ فِي الْجَنَّةِ حَيْثُ شِئْتَ إِلَّا فَعَلْتَ) . بِصِيغَةِ الْمُخَاطَبِ الْمُذَكَّرِ الْمَعْلُومِ، وَالْمَعْنَى إِنْ تَشَاءُ تَفْعَلُهُ، وَفِي نُسْخَةٍ عَلَى بِنَاءِ الْمَجْهُولِ أَيْ: حُمِلْتَ عَلَيْهَا وَرَكِبْتَ، وَفِي أُخْرَى بِتَاءِ التَّأْنِيثِ السَّاكِنَةِ، فَالضَّمِيرُ لِلْفَرَسِ، أَيْ حَمَلْتُكَ. قَالَ الْقَاضِي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: تَقْدِيرُ الْكَلَامِ: إِنْ أَدْخَلَكَ الْجَنَّةَ فَلَا تَشَاءُ أَنْ تُحْمَلَ عَلَى فَرَسٍ كَذَلِكَ إِلَّا حُمِلْتَ عَلَيْهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ مَا مِنْ شَيْءٍ تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ إِلَّا وَتَجِدُهُ فِي الْجَنَّةِ كَيْفَ شَاءَتْ، حَتَّى لَوِ اشْتَهَتْ أَنْ تَرْكَبَ فَرَسًا عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ لَوَجَدْتَهُ وَتَمَكَّنْتَ مِنْهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ: إِنْ أَدْخَلَكَ اللَّهُ الْجَنَّةَ فَلَا تَشَاءُ أَنْ يَكُونَ لَكَ مَرْكَبٌ مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ يَطِيرُ بِكَ حَيْثُ شِئْتَ، وَلَا تَرْضَى بِهِ فَتَطْلُبُ فَرَسًا مِنْ جِنْسِ مَا تَجِدُهُ فِي الدُّنْيَا حَقِيقَةً وَصِفَةً، وَالْمَعْنَى فَيَكُونُ لَكَ مِنَ الْمَرَاكِبِ مَا يُغْنِيكَ عَنِ الْفَرَسِ الْمَعْهُودِ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى مَا جَاءَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، وَهُوَ إِنْ أُدْخِلْتَ الْجَنَّةَ أُتِيتَ بِفَرَسٍ مِنْ يَاقُوتَةٍ لَهُ جَنَاحَانِ فَحُمِلْتَ عَلَيْهِ، وَلَعَلَّهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ الْفَرْقَ بَيْنَ مَرَاكِبِ الْجَنَّةِ وَمَرَاكِبِ الدُّنْيَا وَمَا بَيْنَهُمَا مِنَ التَّفَاوُتِ عَلَى التَّصْوِيرِ وَالتَّمْثِيلِ - مَثَّلَ فَرَسَ الْجَنَّةِ فِي جَوْهَرِهِ بِمَا هُوَ عِنْدَنَا أَثْبَتُ الْجَوَاهِرِ وَأَدْوَمُهَا وُجُودًا، وَأَنْصَعُهَا لَوْنًا، وَأَصْفَاهَا جَوْهَرًا. وَفِي شِدَّةِ حَرَكَتِهِ وَسُرْعَةِ انْتِقَالِهِ بِالطَّيْرِ، وَأَكَّدَ ذَلِكَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى بِقَوْلِهِ: جَنَاحَانِ، وَعَلَى هَذَا قِيَاسُ مَا وَرَدَ فِي صِفَةِ أَبْنِيَةِ الْجَنَّةِ وَرِيَاضِهَا وَأَنْهَارِهَا إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَالْعِلْمُ بِحَقَائِقِهَا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>