قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّيْخُ التُّورِبِشْتِيُّ، وَتَقْدِيرُ قَوْلِهِ: " إِلَّا حُمِلْتَ " يَقْتَضِي أَنْ يُرْوَى قَوْلُهُ: إِلَّا فَعَلْتَ، عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ، فَإِنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مُفَرَّغٌ أَيْ: لَا تَكُونُ بِمَطْلُوبِكَ إِلَّا مُسْعَفًا، وَإِذَا تُرِكَ عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ كَانَ التَّقْدِيرُ، فَلَا تَكُونُ بِمَطْلُوبِكَ إِلَّا فَائِزًا، وَالْوَجْهُ الثَّانِي مِنَ الْوَجْهَيْنِ السَّابِقَيْنِ قَرِيبٌ مِنْ أُسْلُوبِ الْحَكِيمِ، فَإِنَّ الرَّجُلَ سَأَلَ عَنِ الْفَرَسِ الْمُتَعَارَفِ فِي الدُّنْيَا، فَأَجَابَهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا فِي الْجَنَّةِ، أَيِ: اتْرُكْ مَا طَلَبْتَهُ؛ فَإِنَّكَ مُسْتَغْنٍ عَنْهُ بِهَذَا الْمَرْكَبِ الْمُوصَفِ. ( «وَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ فِي الْجَنَّةِ مِنْ إِبِلٍ؟ فَإِنِّي أُحِبُّ الْإِبِلَ. قَالَ» ) أَيْ: بُرَيْدَةُ (فَلَمْ يَقُلْ لَهُ مَا قَالَ لِصَاحِبِهِ) أَيْ مِثْلَ مَقُولِهِ لِصَاحِبِهِ كَمَا سَبَقَ، بَلْ أَجَابَهُ مُخْتَصَرًا (فَقَالَ: ( «إِنْ يُدْخِلْكَ اللَّهُ الْجَنَّةَ يَكُنْ لَكَ فِيهَا مَا اشْتَهَتْ نَفْسُكَ وَلَذَّتْ عَيْنُكَ» ) أَيْ: وَجَدَتْ عَيْنُكَ لَذِيذًا، مِنْ لَذِذْتُ بِالْكَسْرِ لِذَاذًا أَيْ: وَجَدْتُهُ لَذِيذًا، قَالَهُ شَارِحٌ. وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ} [الزخرف: ٧١] (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute