للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٧٥٢ - وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّوْرَاةِ، قَالَ: أَجَلْ، وَاللَّهِ إِنَّهُ لَمَوْصُوفٌ فِي التَّوْرَاةِ بِبَعْضِ صِفَتِهِ فِي الْقُرْآنِ: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} [الأحزاب: ٤٥] وَحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ، أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي، سَمَّيْتُكَ الْمُتَوَكِّلَ، لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ وَلَا سَخَّابٍ فِي الْأَسْوَاقِ، وَلَا يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ ; وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ، وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ بِأَنْ يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَيَفْتَحُ بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا وَآذَانًا صُمًّا وَقُلُوبًا غُلْفًا. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

ــ

٥٧٥٢ - (وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ) : هُوَ مِنْ أَجِلَّاءِ التَّابِعِينَ (قَالَ: لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قُلْتُ) : اسْتِئْنَافُ بَيَانٍ (أَخْبِرْنِي عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ: عَنْ نَعْتِهِ (فِي التَّوْرَاةِ، قَالَ: أَجَلْ) : بِفَتْحَتَيْنِ وَسُكُونِ اللَّامِ الْمُخَفَّفَةِ قَالَ الطِّيبِيُّ: هُوَ حَرْفٌ يُصَدَّقُ بِهَا الْخَبَرُ خَاصَّةً، يُقَالُ لِمَنْ قَالَ: قَامَ زَيْدٌ أَجَلْ، وَزَعَمَ بَعْضٌ جَوَازُ وُقُوعِهِ بَعْدَ الِاسْتِفْهَامِ، وَفِي الْحَدِيثِ جَاءَ جَوَابًا لِلْأَمْرِ عَلَى تَأْوِيلِ قَرَأْتُ التَّوْرَاةَ، هَلْ وَجَدَ صِفَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهَا، فَأَخْبِرْنِي. قَالَ: أَجَلْ أَيْ: نَعَمْ أُخْبِرُكَ. (وَاللَّهِ إِنَّهُ لِمَوْصُوفٌ فِي (التَّوْرَاةِ) ، بِبَعْضِ صِفَتِهِ فِي الْقُرْآنِ) أَيْ: بِالْمَعْنَى كَقَوْلِهِ: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا} [الأحزاب: ٤٥] : حَالٌ مُقَدَّرَةٌ مِنَ الْكَافِ أَوْ مِنَ الْفَاعِلِ أَوْ مُقَدَّرًا أَوْ مُقَدِّرِينَ شَهَادَتَكَ عَلَى مَنْ بُعِثْتَ إِلَيْهِمْ، وَعَلَى تَكْذِبِيهِمْ وَتَصْدِيقِهِمْ أَيْ: مَقْبُولًا قَوْلُكُ عِنْدَ اللَّهِ وَعَلَيْهِمْ، كَمَا يُقْبَلُ قَوْلُ الشَّاهِدِ الْعَدْلِ فِي الْحُكْمِ ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ، أَوْ شَاهَدًا لِأَفْعَالِ أُمَّتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَوْ لِجَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ فِي تَبْلِيغِهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} [النساء: ٤١] أَوْ مُزَكِّيًا لِأُمَّتِكَ فِي شَهَادَتِهِمْ عَلَى الْأُمَمِ بِتَبْلِيغِ رِسَالَةِ الْأَنْبِيَاءِ إِلَيْهِمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: ١٤٣] وَقَدْ تَقَدَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، أَوْ مَعْنَاهُ شَاهِدًا لِقُدْرَتِنَا وَإِرَادَتِنَا فِي الْخَلْقِ، كَمَا يُشِيرُ إِلَيْهِ قَوْلُهُ وَمُبَشِّرًا أَيْ: لِلْمُؤْمِنِينَ بِالْمَثُوبَةِ وَنَذِيرًا: (" أَيْ: مُنْذِرًا وَمُخَوِّفًا لِلْكَافِرِينَ بِالْعُقُوبَةِ وَحِرْزًا: بِكَسْرِ الْحَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ لِلْأُمِّيِّينَ، قَالَ الْقَاضِي أَيْ: حِصْنًا وَمَوْئِلًا لِلْعَرَبِ، يَتَحَصَّنُونَ بِهِ مِنْ غَوَائِلِ الشَّيْطَانِ أَوْ عَنْ سَطْوَةِ الْعَجَمِ وَتَغَلُّبِهِمْ، وَإِنَّمَا سُمُّوا أُمِّيِّينَ لِأَنَّ أَغْلَبَهُمْ لَا يَقْرَءُونَ وَلَا يَكْتُبُونَ اه.

أَوْ لِأَنَّهُمْ يُنْسَبُونَ إِلَى أُمِّ الْقُرَى، وَهِيَ مَكَّةُ، أَوْ لِكَوْنِ نَبِيِّهِمْ أُمِّيًّا، وَلَعَلَّ هَذَا الْوَجْهَ فِي هَذَا الْمَقَامِ أَوْجَهُ لِيَشْمَلَ جَمِيعَ الْأُمَّةِ، وَلَا يَبْقَى مُتَمَسَّكٌ لِلْيَهُودِ عَلَى مَا زَعَمُوا مِنْ أَنَّهُ مَبْعُوثٌ إِلَى الْعَرَبِ خَاصَّةً، فَإِنَّهُ بِذِكْرِهِ لَا يَنْفِي مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>