للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عِبَادِ اللَّهِ الَّذِينَ يُرَاعُونَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ وَالْأَظِلَّةَ لِذِكْرِ اللَّهِ» ، وَقَوْلُهُ: (يُصَلُّونَ الصَّلَاةَ إِذَا جَاءَ وَقْتُهَا) ، اسْتِئْنَافُ تَعْلِيلٍ لِمَا سَبَقَ أَيْ: يُرَاقِبُونَ ذَلِكَ وَيُنْظُرُونَ سَيْرَهَا لِيَعْرِفُوا مَوَاقِيتَ الصَّلَاةِ، كَيْلَا يَفُوتَ عَنْهُمُ الصَّلَاةُ فِي وَقْتِهَا، ثُمَّ اسْتَأْنَفَ لِبَيَانِ بَقِيَّةِ أَحْوَالِهِمْ بِقَوْلِهِ: (يَتَآزَّرُونَ) : بِتَشْدِيدِ الزَّايِ أَيْ. يَشُدُّونَ آزَارَهُمْ (عَلَى أَنْصَافِهِمْ) ، أَيْ مِنَ السُّرَّةِ إِلَى الرُّكْبَةِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمَصَابِيحِ: عَلَى أَوْسَاطِهِمْ، أَوْ يَشُدُّونَ مَعْقِدَ السَّرَاوِيلِ وَالْمُرَادُ مُبَالَغَتُهُمْ فِي سَتْرِ عَوْرَتِهِمْ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ (عَلَى) . بِمَعْنَى (إِلَى) أَيْ أَنَّ أُزُرَهُمْ إِلَى أَنْصَافِ سُوقِهِمْ. قَالَ الطِّيبِيُّ فِيهِ إِدْمَاجٌ بِمَعْنَى التَّجَلُّدِ وَالتَّشَمُّرِ لِلْقِيَامِ إِلَى الصَّلَاةِ، لِأَنَّ مَنْ شَدَّ إِزَارَهُ إِلَى سَاقِهِ تَشَمَّرَ لِمُزَاوَلَةِ مَا اهْتَمَّ بِشَأْنِهِ، أَوْ يَكُونَ كِنَايَةً عَنِ التَّوَاضُعِ، كَمَا أَنَّ جَرَّ الْإِزَارِ كِنَايَةٌ عَنِ الْكِبْرِ وَالْخُيَلَاءِ، (وَيَتَوَضَّئُونَ) أَيْ: وَيَصُبُّونَ مَاءَ الْوَضُوءِ (عَلَى أَطْرَافِهِمْ) ، أَيْ عَلَى أَمَاكِنِ الْوُضُوءِ وَيُسْبِغُونَهَا (مُنَادِيهِمْ) أَيْ: مُؤَذِّنِهِمْ (يُنَادِي فِي جَوِّ السَّمَاءِ) أَيْ: فِي مَكَانٍ مُرْتَفِعٍ مِنْ مَنَارَةٍ وَنَحْوِهَا (صَفُّهُمْ فِي الْقِتَالِ وَصَفُّهُمْ فِي الصَّلَاةِ سَوَاءٌ) ، أَيْ فِي كَوْنِهِمْ كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ. قَالَ الطِّيبِيُّ: شَبَّهَ صُفُوفَهُمْ فِي الْجَمَاعَاتِ بِسَبَبِ مُجَاهَدَتِهِمُ النَّفْسَ الْأَمَّارَةَ وَالشَّيْطَانَ بِصَفِّ الْقِتَالِ وَالْمُجَاهَدَةِ مَعَ أَعْدَاءِ الدِّينِ، وَأَخْرَجَهُ مُخْرَجَ التَّشَابُهِ فِي التَّشْبِيهِ، إِيذَانًا بِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُشَبَّهًا وَمُشَبَّهًا بِهِ، بَلْ أُخِّرَ ذِكْرُ صَفِّ الصَّلَاةِ لِيَكُونَ مُشَبَّهًا بِهِ لِكَوْنِهِ أَبْلَغَ (لَهُمْ بِاللَّيْلِ دَوِيٌّ) : بِفَتْحِ الدَّالِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ أَيْ صَوْتٌ خَفِيٌّ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ (كَدَوِيِّ النَّحْلِ، هَذَا لَفْظُ الْمَصَابِيحِ، وَرَوَى الدَّارِمِيُّ مَعَ تَغْيِيرٍ يَسِيرٍ) : قُلْتُ: كَانَ الْأَوْلَى إِيرَادُ لَفْظِ الدَّارِمِيِّ، فَإِنَّهُ مِنْ أَجَّلِ الْمُخَرِّجِينَ، وَنَقْلُهُ أَكْمَلُ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>