إِمَّا مِنَ الْجَوْدَةِ بِفَتْحِ الْجِيمِ بِمَعْنَى السَّعَةِ وَالِانْفِسَاحِ أَيْ: أَوْسَعُهُمْ قَلْبًا فَلَا يَمَلُّ وَلَا يَزْجُرُ مِنْ أَذَى الْأُمَّةِ وَمِنْ جَحْفَاءِ الْأَعْرَابِ، وَإِمَّا مِنَ الْجُودِ بِالضَّمِّ بِمَعْنَى الْإِعْطَاءِ ضِدِّ الْبُخْلِ أَيْ: لَا يَبْخَلُ عَلَى أَحَدٍ شَيْئًا مِنْ زَخَارِفِ الدُّنْيَا وَلَا مِنَ الْعُلُومِ وَالْحَقَائِقِ وَالْمَعَارِفِ الَّتِي فِي صَدْرِهِ، فَالْمَعْنَى أَنَّهُ أَسْخَى النَّاسِ قَلْبًا، (وَأَصْدَقُ النَّاسِ لَهْجَةً) ، بِسُكُونِ الْهَاءِ وَيُفْتَحُ أَيْ: لِسَانًا فَفِي الْقَامُوسِ: اللَّهْجَةُ اللِّسَانُ وَيُحَرَّكُ، وَكَذَا فِي الصِّحَاحِ. وَقَالَ فِي الدِّيوَانِ اللَّهَجَةُ: بِفَتْحَتَيْنِ اللِّسَانُ وَهِيَ الْفُصْحَى وَبِسُكُونِ الْهَاءِ لُغَةٌ ضَعِيفَةٌ، وَفِي الْفَائِقِ: رُوِيَ فِي اللَّهْجَةِ فَتْحُ الْهَاءِ وَسُكُونُهَا وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ: اللَّهْجَةُ هَاءٌ سَاكِنَةٌ وَلَمْ يُعْرَفِ اللَّهْجَةُ (وَأَلْيَنَهُمْ عَرِيكَةً) ، أَيْ: جَانِبًا وَطَبِيعَةً فَفِي النِّهَايَةِ يُقَالُ: فُلَانٌ لَيِّنُ الْعَرِيكَةِ إِذَا كَانَ سَلِسًا وَمُطَاوِعًا مُنْقَادًا قَلِيلَ الْخِلَافِ (وَأَكْرَمُهُمْ عَشِيرَةً) ، بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ فَتَحْتِيَّةٍ أَيْ: قَبِيلَةً، وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ أَيْ: مُعَاشَرَةً وَمُصَاحَبَةً، وَقَالَ الطِّيبِيُّ قَوْلُهُ: عِشْرَةً هَكَذَا هُوَ فِي التِّرْمِذِيِّ وَالْجَامِعِ ": صُحْبَةً، وَفِي الْمَصَابِيحِ الْعَشِيرَةُ أَيِ: الصَّاحِبُ: اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ إِذِ النُّسْخَتَانِ مَوْجُودَتَانِ فِي الشَّمَائِلِ وَغَيْرِهِ عَلَى مَا بَيَّنَاهُ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (مَنْ رَآهُ بَدِيهَةً) أَيْ: أَوَّلَ مَرَّةٍ أَوْ فَجْأَةً وَبَغْتَةً (هَابَهُ) ، أَيْ: خَافَهُ وَقَارًا وَهَيْبَةً مِنْ هَابَ الشَّيْءَ إِذَا خَافَهُ وَأَقَرَّهُ وَعَظَّمَهُ، (وَمَنْ خَالَطَهُ مَعْرِفَةً) : تَمْيِيزٌ (أَحَبَّهُ) ، أَيْ: بِحُسْنِ خُلُقِهِ وَشَمَائِلِهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ لَقِيَهُ قَبْلَ الِاخْتِلَاطِ بِهِ وَالْمَعْرِفَةِ إِلَيْهِ هَابَهُ لِوَقَارِهِ وَسُكُونِهِ، فَإِذَا جَالَسَهُ وَخَالَطَهُ بَانَ لَهُ حُسْنُ خُلُقِهِ فَأَحَبَّهُ حُبًّا بَلِيغًا (يَقُولُ نَاعِتُهُ) أَيْ: وَاصِفُهُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ وَصْفِهِ (لَمْ أَرَ قَبْلَهُ) أَيْ: قَبْلَ وُجُودِهِ أَوْ قَبْلَ مَوْتِهِ (وَلَا بَعْدَهُ مِثْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) . أَيْ فِي جَامِعِهِ وَفِي الشَّمَائِلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute