للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ وَأَنَسٌ) : عَطَفَ عَلَى فَأَخْبَرَنِي، فَهُوَ مِنْ مَقُولِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ (قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فَفَرَضَ اللَّهُ عَلَى أُمَّتِي) : وَهُوَ لَا يُنَافِي مَا سَبَقَ مِنْ قَوْلِهِ فَفَرَضَ عَلَيَّ (خَمْسِينَ صَلَاةً فَرَجَعْتُ بِذَلِكَ) ، أَيْ آخِذًا بِهِ وَقَاصِدًا لِعَمَلِهِ (حَتَّى مَرَرْتُ عَلَى مُوسَى فَقَالَ: مَا فَرَضَ اللَّهُ) : مَا اسْتِفْهَامِيَّةٌ وَقَوْلُهُ: (لَكَ) أَيْ: لِأَجْلِكَ (عَلَى أُمَّتِكَ؟ قُلْتُ: فَرَضَ خَمْسِينَ صَلَاةً. قَالَ: فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ) أَيْ: فَسَلْهُ التَّخْفِيفَ (فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ) أَيْ: هَذَا الْحِمْلَ الثَّقِيلَ (فَرَاجَعَنِي) : بِمَعْنَى رَجَّعَنِي أَيْ رَدَّنِي مُوسَى يَعْنِي صَارَ سَبَبًا لِرُجُوعِي إِلَى رَبِّي (فَوَضَعَ) أَيِ: اللَّهُ (شَطْرَهَا) ، أَيْ بَعْضَ الْخَمْسِينَ، وَهُوَ الْخُمْسُ الَّذِي هُوَ الْعُشْرُ، أَوِ الْعُشْرُ الَّذِي هُوَ الْخُمْسُ عَلَى خِلَافِ تَقَدَّمَ (فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقُلْتُ: وَضَعَ شَطْرَهَا. فَقَالَ: رَاجِعْ رَبَّكَ) أَيِ: ارْجِعْ إِلَيْهِ لِلْمُرَاجَعَةِ (فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ) أَيْ: ذَلِكَ كَمَا فِي نُسْخَةٍ (فَرَجَعْتُ) أَيْ: إِلَى مَكَانِي الْأَوَّلِ (فَرَاجَعْتُ) ، أَيْ فَرَادَدْتُ الْكَلَامَ، وَطَالَبْتُ الْمَرَامَ مُبَالِغًا فِي الْمَقَامِ، فَإِنَّ الْمُفَاعَلَةَ إِذَا لَمْ تَكُنْ لِلْمُبَالَغَةِ فَهِيَ لِلْمُبَالَغَةِ، (فَوَضَعَ شَطْرَهَا، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ) أَيْ: إِلَى مُوسَى (فَقَالَ: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ إِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ) أَيْ: مَا قُدِّرَ هُنَالِكَ (فَرَاجَعْتُهُ) : وَفِي نُسْخَةٍ فَرَاجَعْتُ أَيْ رَبِّي (فَقَالَ) أَيْ: فِي الْآخِرَةِ عَلَى مَا فِي الْمَصَابِيحِ، وَالْمَعْنَى فَقَالَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي آخِرِ الْمُرَاجَعَاتِ (هِيَ) : وَفِي نُسْخَةٍ: هُنَّ (خَمْسٌ) أَيْ: خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْأَدَاءِ (وَهِيَ خَمْسُونَ) ، أَيْ صَلَاةً فِي الثَّوَابِ وَالْجَزَاءِ (لَا يُبَدِّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ) : يَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ أَنِّي سَاوَيْتُ بَيْنَ الْخَمْسِ وَالْخَمْسِينَ فِي الثَّوَابِ، وَهَذَا الْقَوْلُ غَيْرُ مُبَدَّلٍ، أَوْ جَعَلْتُ الْخَمْسِينَ خَمْسًا، وَلَا تَبْدِيلَ فِيهِ قَالَ الطِّيبِيُّ، وَقَوْلُهُ: اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّي لَا يُنَاسِبُ هَذَا الْمَعْنَى. قُلْتُ لَا يُنَافِيهِ، بَلْ يُنَاسِبُهُ إِذَا حُمِلَ عَلَى مَا قَبْلَ وُجُودِ الْعِلْمِ بِعَدَمِ التَّبْدِيلِ. (فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ: رَاجِعْ رَبَّكَ. فَقُلْتُ: اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّي) أَيْ: حِينَ قَالَ لِي لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ. مَعَ أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ تَعَدُّدِ الْمَانِعِ، (ثُمَّ انْطُلِقَ بِي حَتَّى انْتُهِيَ بِي) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ فِيهِمَا، وَالْمَعْنَى ثُمَّ ذَهَبَ بِي حَتَّى وَصَلَ بِي (إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، وَغَشِيَهَا) : بِالتَّخْفِيفِ أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّهُ غَشِيَهَا (أَلْوَانٌ) أَيْ: مِنَ الْأَنْوَارِ أَوْ أَصْنَافٍ مِنْ أَجْنِحَةِ الْمَلَائِكَةِ أَوْ غَيْرِهَا (لَا أَدْرِي) أَيِ: الْآنَ أَوْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ لِتَوَجُّهِ نَظَرِهِ إِلَى الْمُكَوَّنِ دُونَ الْمَكَانِ (مَا هِيَ) أَيْ: حَقِيقَةُ مَا هِيَ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ وَالزَّمَانِ (ثُمَّ أُدْخِلْتُ الْجَنَّةَ فَإِذَا) : لِلْمُفَاجَأَةِ (فِيهَا جَنَابِذُ اللُّؤْلُؤِ) : بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ جَمْعُ جُنْبُذَةٍ بِضَمِّ الْجِيمِ وَالْبَاءِ، وَهِيَ مَا ارْتَفَعَ مِنَ الشَّيْءِ وَاسْتَدَارَ كَالْقُبَّةِ، وَقَوْلُ الْعَامَّةِ إِنَّ الْجُنْبَذَةَ بِفَتْحِ الْبَاءِ مُعَرَّبٌ كُنْبَذَةٍ (وَإِذَا تُرَابُهَا الْمِسْكُ) . وَهُوَ أَطْيَبُ الطِّيبِ وَفِي الْخَبَرِ: أَنَّهُ يَفُوحُ رِيحُ الْجَنَّةِ مَسِيرَةَ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>