للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَهَذَا غَايَةُ الْقُرْبِ وَنِهَايَةُ الْحُبِّ، ثُمَّ بِمُقْتَضَى الْبَقَاءِ بَعْدَ الْفَنَاءِ، وَالتَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْجَمْعِ، وَالتَّدَلِّي بَعْدَ التَّرَقِّي، وَالرُّجُوعِ إِلَى الْبِدَايَةِ بَعْدَ الْعُرُوجِ إِلَى النِّهَايَةِ لِلْحِكَمِ الصَّمَدَانِيَّةِ، وَلِلْقِسَمِ الْفَرْدَانِيَّةِ رَجَعَ عَنْ حَالِهِ مِنَ الْعَظَمَةِ النَّبَوِيَّةِ، وَالدَّوْلَةِ الْخَاتَمِيَّةِ، وَاجْتَمَعَ بِسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ ثَانِيًا، وَنَزَلُوا مَعَهُ مُتَقَدِّمِينَ أَوْ مُتَأَخِّرِينَ، وَتَبَايُنًا إِلَى أَنِ اجْتَمَعُوا إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى آخِرًا، وَصَلَّى بِهِمْ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ فَآخَرُ.

ثُمَّ قَوْلُهُ: (فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنَ الصَّلَاةِ) : يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ صُعُودِهِ وَأَنْ يَكُونَ بَعْدَ شُهُودِهِ (قَالَ لِي قَائِلٌ) : هُوَ جِبْرِيلُ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ مَلَكٍ جَلِيلٍ (يَا مُحَمَّدُ! هَذَا خَازِنُ النَّارِ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ) ، أَيْ تَعْظِيمًا لِجَلَالِ الْمَلِكِ الْقَهَّارِ أَوْ تَوَاضُعًا كَمَا هُوَ دَأْبُ الْأَبْرَارِ، (فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ) ، أَيْ عَلَى قَصْدِ السَّلَامِ عَلَيْهِ (فَبَدَأَنِي بِالسَّلَامِ) . أَيْ لِمَا عَرَفَ مِنْ تَعْظِيمِ الْمَقَامِ وَآدَابِ الْكِرَامِ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: إِنَّمَا بَدَأَ بِالسَّلَامِ لِيُزِيلَ مَا اسْتَشْعَرَهُ مِنَ الْخَوْفِ مِنْهُ، بِخِلَافِ سَلَامِهِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ ابْتِدَاءً كَمَا سَبَقَ. قُلْتُ: قَدْ سَبَقَ أَنَّهُ ابْتَدَأَ بِالسَّلَامِ عَلَيْهِمْ تَوَاضُعًا لَهُ وَتَكْرِيمًا لَهُمْ، أَوْ لِأَنَّهُ كَانَ قَائِمًا وَهُمْ قُعُودٌ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ فِي آدَمَ، أَوْ لِأَنَّهُ كَانَ مَارًّا وَهُمْ وُقُوفٌ، وَهُوَ مُخْتَارُ الشَّيْخِ التُّورِبِشْتِيِّ، أَوْ لِأَنَّهُ حَيٌّ وَإِنَّهُمْ فِي صُورَةِ الْأَمْوَاتِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْحَالَاتِ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .

(وَهَذَا الْبَابُ خَالٍ عَنِ الْفَصْلِ الثَّانِي) أَيْ: فَلَا تَسْتَغْرِبْ مِنْ قَوْلِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>