٤٨٧ - وَزَادَ رَزِينٌ، قَالَ: زَادَ بَعْضُ الرُّوَاةِ فِي «قَوْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ: " لَهَا مَا أَخَذَتْ فِي بُطُونِهَا، وَمَا بَقِيَ فَهُوَ لَنَا طَهُورٌ وَشَرَابٌ» ".
ــ
٤٨٧ - (وَزَادَ رَزِينٌ، قَالَ: زَادَ بَعْضَ الرُّوَاةِ فِي قَوْلِ عُمَرَ) : رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ (وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " لَهَا ") أَيْ: لِلسِّبَاعِ (" مَا أَخَذَتْ فِي بُطُونِهَا ") : أَيْ: مِمَّا شَرِبَتْهُ (" وَمَا بَقِيَ فَهُوَ لَنَا طَهُورٌ وَشَرَابٌ ") يَعْنِي: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَسَمَ لَهَا فِي هَذَا الْمَاءِ مَا أَخَذَتْ فِي بُطُونِهَا، فَمَا شَرِبَتْهُ حَقُّهَا الَّذِي قُسِمَ لَهَا، وَمَا فَضَلَتْ فَهُوَ حَقُّنَا، وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الزِّيَادَةِ عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهَا دَلَالَةٌ صَرِيحَةٌ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ، فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْإِبْهَامِ وَعَدَمِ التَّنَجُّسِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ سَيَأْتِي مَعْنَاهَا عَنِ ابْنِ مَاجَهْ عَنْ أَبِي سَعِيدِ الْخُدْرِيِّ، وَسَنَدُهَا صَحِيحٌ وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي طَهَارَةِ سُؤْرِ السِّبَاعِ إِلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ ; نَشَأَ عَنْ غَفْلَةٍ مِنْ فَهْمِ الْحَدِيثِ الثَّانِي، فَإِنَّ فِيهِ ذِكْرَ الْكِلَابِ، وَهِيَ مُنَجَّسَةٌ بِالِاتِّفَاقِ، فَجَوَابُهُمْ يَكُونُ جَوَابُنَا، وَجَوَابُهُمْ بِأَنَّ نَجَاسَةَ الْكَلْبِ عُلِمَ مِنْ حَدِيثٍ آخَرَ مَدْفُوعٌ بِعَدَمِ عِلْمِ التَّارِيخِ، وَأَمَّا سُكُوتُ عَمْرٍو عَلَى قَوْلِ عُمَرَ لِمَا تَقَدَّمَ، وَمَعَ الِاحْتِمَالِ لَا يَصِحُّ الِاسْتِدْلَالُ، ثُمَّ قَوْلُهُ: وَحَمْلُ مَاءِ الْحَوْضِ وَالْحِيَاضِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ كَثِيرًا يَحْتَاجُ لِدَلِيلٍ، دَلِيلُهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ، مَعَ أَنَّ الْحَوْضَ فِي اللُّغَةِ وَالْعُرْفِ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي الْمَاءِ الْكَثِيرِ، وَقَوْلُهُ: وَزَعْمُ أَنَّ ذَلِكَ قَبْلَ تَحْرِيمِ لُحُومِ السِّبَاعِ بَاطِلٌ ; لِأَنَّ الْأَشْيَاءَ مَا حُرِّمَتْ إِلَّا تَدْرِيجًا كَمَا أَنَّهَا مَا فُرِضَتْ إِلَّا شَيْئًا فَشَيْئًا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: " {قُلْ لَا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [الأنعام: ١٤٥] " قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: وَالْآيَةُ مُحْكَمَةٌ ; لِأَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ فِيمَا أُوحِيَ إِلَى تِلْكَ الْآيَةِ - مُحَرَّمًا غَيْرَ هَذِهِ، وَذَلِكَ لَا يُنَافِي وُرُودَ التَّحْرِيمِ فِي شَيْءٍ آخَرَ. وَقَالَ الْبَغَوِيُّ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ: فَذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ التَّحْرِيمَ مَقْصُورٌ عَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عَائِشَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ: عَلَى أَنَّ التَّحْرِيمَ لَا يَخْتَصُّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ، فَالْمُحَرَّمُ بِنَصِّ الْكِتَابِ مَا ذُكِرَ، وَقَدْ حَرَّمَتِ السُّنَّةُ أَشْيَاءً يَجِبُ الْقَوْلُ بِهَا، وَذُكِرَ فِي اخْتِلَافِ الْأَئِمَّةِ أَنَّ الْعُلَمَاءَ اتَّفَقُوا عَلَى تَحْرِيمِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ إِلَّا مَالِكًا، فَإِنَّهُ أَبَاحَ ذَلِكَ مَعَ الْكَرَاهَةِ، هَذَا وَحَدِيثُ: «سُئِلَ عَنِ الْمَاءِ فِي الْفَلَاةِ وَتَرِدُهُ السِّبَاعُ وَالدَّوَابُّ؟ فَقَالَ: إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ. . . . .» . حُجَّةٌ إِلْزَامِيَّةٌ عَلَى الشَّافِعِيَّةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute