مَكَّةَ فَاسْتَقْبَلَهُ أَهْلُهُ وَرَهْطُهُ وَرَكَّبُوهُ قُدَّامَهُمْ، وَأَجَارُوهُ مِنْ تَعَرُّضِ أَحَدٍ لَهُ وَقَالُوا: طُفْ بِالْبَيْتِ لِعُمْرَتِكَ. فَقَالَ: حَاشَا أَنِّي أَطُوفُ فِي غَيْبَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (وَكَانَتْ بَيْعَةُ الرِّضْوَانِ بَعْدَمَا ذَهَبَ عُثْمَانُ إِلَى مَكَّةَ) ، أَيْ وَشَاعَ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ تَعَرَّضُوا لِحَرْبِ الْمُسْلِمِينَ، فَاسْتَعَدَّ الْمُسْلِمُونَ لِلْقِتَالِ، وَبَايَعَهُمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَحْتَ الشَّجَرَةِ عَلَى أَنْ لَا يُغَرُّوا، وَقِيلَ بَلْ جَاءَ الْخَبَرُ بِأَنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ. (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ: أَشَارَ (بِيَدِهِ الْيُمْنَى: (هَذِهِ) أَيْ: قَائِلًا هَذِهِ (يَدُ عُثْمَانَ) فَضَرَبَ بِهَا عَلَى يَدِهِ) ، أَيِ الْيُسْرَى (وَقَالَ: (هَذِهِ) أَيْ: هَذِهِ الْبَيْعَةُ أَوْ هَذِهِ الْيَدُ (لِعُثْمَانَ) . أَيْ لِأَجْلِهِ أَوْ عَنْهُ عَلَى فَرْضِ وُجُودِ حَيَاتِهِ، أَوْ إِشَارَةً إِلَى تَكْذِيبِ خَبَرِ مَمَاتِهِ (ثُمَّ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: اذْهَبْ بِهَا) أَيْ: بِالْكَلِمَاتِ الَّتِي أَجَبْتُ لَكَ عَنْ أَسْئِلَتِكَ (الْآنَ مَعَكَ) : فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّنَا بَلْ يَضُرُّكَ. قَالَ الطِّيبِيُّ: فَلَمَّا نَقَضَ ابْنُ عُمَرَ كُلَّ وَاحِدٍ مِمَّا بَنَاهُ وَأَقْلَعَهُ مِنْ أَصْلِهِ قَالَ تَهَكُّمًا: اذْهَبْ بِهَا أَيْ بِمَا جِئْتَ وَتَمَسَّكْتَ بِهِ بَعْدَمَا بَيَّنْتُ لَكَ الْحَقَّ الْمَحْضَ الَّذِي لَا يُرْتَابُ فِيهِ انْتَهَى. وَالْمَعْنَى لَا يَنْفَعُكَ اعْتِقَادُكَ الْفَاسِدُ فِي عُثْمَانَ بَعْدَمَا بَيَّنْتُ لَكَ الْحَقَّ الصَّرِيحَ بِالْجَوَابِ الصَّحِيحِ. (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) : وَكَذَا التِّرْمِذِيُّ وَاللَّفْظُ مُخْتَلِفٌ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute