٦٠٩٦ - وَعَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «أَنَا دَارُ الْحِكْمَةِ، وَعَلِيٌّ بَابُهَا» ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَقَالَ: رَوَى بَعْضُهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ شَرِيكٍ وَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ عَنِ الصُّنَابِحِيِّ، وَلَا نَعْرِفُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الثِّقَاتِ غَيْرَ شَرِيكٍ.
ــ
٦٠٩٦ - (وَعَنْهُ) ، أَيْ: عَنْ عَلِيٍّ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «أَنَا دَارُ الْحِكْمَةِ» ") ، وَفِي رِوَايَةٍ: «أَنَا مَدِينَةُ الْعِلْمِ» وَفِي رِوَايَةِ الْمَصَابِيحِ: «أَنَا دَارُ الْعِلْمِ " وَعَلِيٌّ بَابُهَا» " وَفِي رِوَايَةٍ زِيَادَةٌ: «فَمَنْ أَرَادَ الْعِلْمَ فَلْيَأْتِهِ مِنْ بَابِهِ» وَالْمَعْنَى عَلِيٌّ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِهَا وَلَكِنَّ التَّخْصِيصَ يُفِيدُ نَوْعًا مِنَ التَّعْظِيمِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى بَعْضِ الصَّحَابَةِ أَعْظَمُهُمْ وَأَعْلَمُهُمْ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ جَمِيعَ الْأَصْحَابِ بِمَنْزِلَةِ الْأَبْوَابِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمُ اقْتَدَيْتُمُ اهْتَدَيْتُمْ» " مَعَ الْإِيمَاءِ إِلَى اخْتِلَافِ مَرَاتِبِ أَنْوَارِهَا فِي الِاهْتِدَاءِ، وَمِمَّا يُحَقِّقُ ذَلِكَ أَنَّ التَّابِعِينَ أَخَذُوا أَنْوَاعَ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ مِنَ الْقِرَاءَةِ وَالتَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ مِنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ غَيْرِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَيْضًا، فَعُلِمَ عَدَمُ انْحِصَارِهِ الْبَابِيَّةَ فِي حَقِّهِ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يَخْتَصَّ بِبَابِ الْقَضَاءِ، فَإِنَّهُ وَرَدَ فِي شَأْنِهِ " أَنَّهُ أَقْضَاكُمْ " كَمَا أَنَّهُ جَاءَ فِي حَقِّ أُبَيٍّ " أَنَّهُ أَقْرَؤُكُمْ "، وَفِي حَقِّ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ " أَنَّهُ أَفْرَضُكُمْ "، وَفِي حَقِّ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ " أَنَّهُ جَاءَ فِي حَقِّ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ " أَنَّهُ أَعْلَمُكُمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ " وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى جَزَالَةِ عِلْمِهِ مَا فِي الرِّيَاضِ «عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: وَضَّأْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: هَلْ لَكَ فِي فَاطِمَةَ نَعُودُهَا "، فَقُلْتُ: نَعَمْ فَقَامَ مُتَوَكِّئًا عَلَيَّ فَقَالَ: " إِنَّهُ سَيَحْمِلُ ثِقَلَهَا غَيْرُكَ، وَيَكُونُ أَجْرُهَا لَكَ " فَكَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيَّ شَيْءٌ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى فَاطِمَةَ فَقُلْنَا: كَيْفَ تَجِدِينَكِ؟ قَالَتْ: لَقَدِ اشْتَدَّ حُزْنِي وَاشْتَدَّتْ فَاقَتِي وَطَالَ سَقَمِي» . قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: وَجَدْتُ بِخَطِّ أَبِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: " «أَوَمَا تَرْضَيْنَ أَنَّ زَوْجَكِ أَقْدَمُهُمْ سِلْمًا وَأَكْثَرُهُمْ عِلْمًا، وَأَعْظَمُهُمْ حِلْمًا» " أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَدْ سَأَلَهُ النَّاسُ فَقَالُوا: أَيُّ رَجُلٍ كَانَ عَلِيًّا؟ قَالَ: كَانَ قَدْ مُلِئَ جَوْفُهُ حِكَمًا وَعِلْمًا وَبَأْسًا وَنَجْدَةً مَعَ قَرَابَتِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي الْمَنَاقِبِ. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: عُمَرُ كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْ مُعْضِلَةٍ لَيْسَ لَهَا أَبُو حَسَنٍ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ.
قَالَ الطِّيبِيُّ: لَعَلَّ الشِّيعَةَ أَرَادُوا بِهَذَا التَّمْثِيلِ أَنَّ أَخْذَ الْعِلْمِ الْحِكْمَةُ مِنْهُ مُخْتَصٌّ بِهِ لَا يَتَجَاوَزُهُ إِلَى غَيْرِهِ إِلَّا بِوَاسِطَتِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِأَنَّ الدَّارَ إِنَّمَا يُدْخَلُ فِيهَا مِنْ بَابِهَا، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} [البقرة: ١٨٩] وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ إِذْ لَيْسَ دَارُ الْجَنَّةِ بِأَوْسَعَ مِنْ دَارِ الْحِكْمَةِ وَلَهَا ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) ، أَيْ إِسْنَادًا (وَقَالَ) ، أَيِ: التِّرْمِذِيُّ (رَوَى بَعْضُهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ شَرِيكٍ) ، وَهُوَ شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَاضِي بَغْدَادَ، ذَكَرَهُ شَارِحٌ: (وَلَمْ يَذْكُرُوا) ، أَيْ ذَلِكَ الْبَعْضُ (فِيهِ) ، أَيْ: فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ (عَنِ الصُّنَابِحِيِّ) ، بِضَمِّ صَادٍ وَكَسْرِ مُوَحَّدَةٍ وَمُهْمَلَةٍ (وَلَا نَعْرِفُ) ، أَيْ: نَحْنُ (هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الثِّقَاتِ غَيْرَ شَرِيكٍ) . بِالنَّصْبِ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِالْجَرِّ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ أَحَدٍ. قِيلَ: وَفِي بَعْضِ نُسَخِ التِّرْمِذِيِّ عَنْ شَرِيكٍ بَدَلَ غَيْرَ شَرِيكٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute