٦٠٩٧ - وَعَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: دَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِيًّا يَوْمَ الطَّائِفِ فَانْتَجَاهُ، فَقَالَ النَّاسُ: لَقَدْ طَالَ نَجْوَاهُ مَعَ ابْنِ عَمِّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «مَا انْتَجَيْتُهُ، وَلَكِنَّ اللَّهَ انْتَجَاهُ» " رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
ــ
٦٠٩٧ - (وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: دَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِيًّا يَوْمَ الطَّائِفِ) : قَالَ شَارِحٌ، أَيْ: يَوْمَ أَرْسَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِيًّا إِلَى الطَّائِفِ (فَانْتَجَاهُ) ، مِنْ بَابِ الِافْتِعَالِ مِنَ النَّجْوَى أَيْ فَسَارَّهُ وَقَالَ لَهُ نَجْوَى. (فَقَالَ النَّاسُ) أَيِ الْمُنَافِقُونَ، أَوْ عَوَامُّ الصَّحَابَةِ بِالنَّجْوَى أَنَا (" لَقَدْ طَالَ نَجْوَاهُ مَعَ ابْنِ عَمِّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " مَا انْتَجَيْتُهُ ") ، أَيْ مَا خَصَصْتُهُ بِالنَّجْوَى أَنَا (" «وَلَكِنَّ اللَّهَ انْتَجَاهُ» ") : بِتَشْدِيدِ لَكِنَّ وَيُخَفَّفُ، وَالْمَعْنَى أَنِّي بَلَّغْتُهُ عَنِ اللَّهِ مَا أَمَرَنِي أَنْ أُبَلِّغَهُ إِيَّاهُ عَلَى سَبِيلِ النَّجْوَى فَحِينَئِذٍ انْتَجَاهُ اللَّهُ لَا انْتَجَيْتُهُ فَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: ١٧] . قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: كَانَ ذَلِكَ أَسْرَارًا إِلَهِيَّةً وَأُمُورًا غَيْبِيَّةً جَعَلَهُ مِنْ خُزَّانِهَا اهـ.
وَفِيهِ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْأَمْرَ الْمُتَنَاجَى بِهِ مِنَ الْأَسْرَارِ الدُّنْيَوِيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْأَخْبَارِ الدِّينِيَّةِ مِنْ أَمْرِ الْغَزْوِ وَنَحْوِهِ، إِذْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ سُئِلَ عَلِيٌّ - كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ - هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ؟ فَقَالَ: وَالَّذِي خَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ مَا عِنْدَنَا إِلَّا مَا فِي الْقُرْآنِ إِلَّا فَهْمًا يُعْطَاهُ رَجُلٌ فِي كِتَابِهِ وَمَا فِي الصَّحِيفَةِ. قِيلَ: وَمَا فِي الصَّحِيفَةِ؟ فَقَالَ: الْعَقْلُ وَفَكَاكُ الْأَسِيرِ، وَأَنْ لَا يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ، ثُمَّ هَذَا التَّنَاجِي يُحْتَمَلُ أَنَّهُ بَعْدَ نُزُولِ آيَةِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} [المجادلة: ١٢] وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّ أَمْرَهُ لِلنَّدْبِ أَوْ لِلْوُجُوبِ، لَكِنَّهُ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ: أَأَشْفَقْتُمْ وَهُوَ وَإِنِ اتَّصَلَ بِهِ تِلَاوَةً لَمْ يَتَّصِلْ بِهِ نُزُولًا حَتَّى يُمْكِنَ الْعَمَلُ بِهِ. وَعَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إِنَّ فِي الْكِتَابِ آيَةً مَا عَمِلَ بِهَا أَحَدٌ غَيْرِي كَانَ لِي دِينَارٌ فَصَرَفْتُهُ، فَكُنْتُ إِذَا نَاجَيْتُهُ تَصَدَّقْتُ بِدِرْهَمٍ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute