للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِثْلَهُ، لِأَنَّ الْمَنْفِيَّ مَحْمُولٌ عَلَى عُمُومِ الشَّبَهِ وَالْمُثْبَتُ عَلَى مُعْظَمِهِ، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الطِّيبِيُّ بِقَوْلِهِ، وَفِي تَنْكِيرِهِ لُطْفٌ أَيْ: إِيمَاءٌ لَطِيفٌ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ نَوْعُ شَبَهٍ. وَقَوْلُهُ: (لَيْسَ) أَيِ: الْحَسَنُ (شَبِيهًا: بِعَلِيٍّ، وَعَلَيٌّ يَضْحَكُ) . أَيْ: فَرِحًا وَالْجُمْلَةُ حَالٌ (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) . قَالَ مِيرَكُ: كَذَا وَقَعَ فِي الْمِشْكَاةِ قَوْلُهُ شَبِيهًا بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ لَيْسَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لَكِنَّهُ فِي الْبُخَارِيِّ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ لَيْسَ شَبِيهٌ بِالرَّفْعِ، وَإِعْرَابُهُ لَا يَخْلُو عَنْ خَفَاءٍ فَقِيلَ: لَيْسَ حَرْفُ عَطْفٍ وَهُوَ مَذْهَبُ الْكُوفِيِّ، وَقِيلَ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شَبِيهَ اسْمَ لَيْسَ، وَيَكُونُ خَبَرُهَا ضَمِيرًا مُتَّصِلًا حُذِفَ اسْتِغْنَاءً عَنْهُ بِلَفْظٍ شَبِيهٍ وَنَحْوُهُ قَوْلُهُ فِي خُطْبَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ: أَلَيْسَ ذُو الْحِجَّةِ. اهـ. وَلَا يَخْفَى ظُهُورُ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لِخُلُوِّهِ عَنِ التَّكَلُّفِ، وَقِيلَ لَا يَخْفَى مَا فِي التَّوْجِيهَيْنِ مِنَ التَّعَسُّفِ، وَالْأَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اسْمَ لَيْسَ ضَمِيرُ الشَّأْنِ، وَشَبِيهٌ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: هُوَ شَبِيهٌ، وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ لَيْسَ. قُلْتُ: وَفِيهِ أَنَّ هَذَا التَّوْجِيهَ يَشْتَمِلُ عَلَى تَعَسُّفَيْنِ بِخِلَافِ مَا سَبَقَ فَإِنَّهُ مُتَضَمِّنٌ لِتَعَسُّفٍ وَاحِدٍ، هَذَا وَلَفْظُ الْحَدِيثِ عَلَى مَا فِي الذَّخَائِرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ حَمَلَ الْحَسَنَ عَلَى رَقَبَتِهِ وَهُوَ يَقُولُ: بِأَبِي شَبِيهٌ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَ شَبِيهًا بِعَلِيٍّ وَهُوَ يَضْحَكُ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَفِي رِوَايَةٍ خَرَجْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلِيٌّ يَمْشِي إِلَى جَانِبِهِ، فَمَرَّ الْحَسَنُ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ فَاحْتَمَلَهُ عَلَى رَقَبَتِهِ - يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ - وَهُوَ يَقُولُ الْحَدِيثَ. وَفِي الْحَدِيثِ رَدٌّ عَلَى الْغُرَابِيَّةِ وَهُمْ عَلَى مَا فِي حَوَاشِيِ الشِّفَاءِ طَائِفَةٌ مِنَ الرَّافِضَةِ لُقِّبُوا بِذَلِكَ لِقَوْلِهِمْ: كَانَ مُحَمَّدٌ أَشْبَهَ بِعَلِيٍّ مِنَ الْغُرَابِ بِالْغُرَابِ فَبَعَثَ اللَّهُ جِبْرِيلَ إِلَى عَلِيٍّ فَغَلِطَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>