للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٢١١ - وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: «كَانَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ خَطِيبَ الْأَنْصَارِ فَلَمَّا نَزَلَتْ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [الحجرات: ٢] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ جَلَسَ ثَابِتٌ فِي بَيْتِهِ وَاحْتَبَسَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ، فَقَالَ: مَا شَأْنُ ثَابِتٍ أَيَشْتَكِي؟ فَأَتَاهُ سَعْدٌ فَذَكَرَ لَهُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ ثَابِتٌ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي مِنْ أَرْفَعِكُمْ صَوْتًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَنَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَذَكَرَ ذَلِكَ سَعْدٌ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

ــ

٦٢١١ - (وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ) : بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ (خَطِيبَ الْأَنْصَارِ) ، أَيْ فَصِيحَهُمْ أَيْ: فِي النَّثْرِ كَمَا يُقَالُ: الشَّاعِرُ فِي النَّظْمِ. قَالَ الْمُؤَلِّفُ خَزْرَجِيٌّ شَهِدَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ خَطِيبَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخَطِيبَ الْأَنْصَارِ، وَاسْتُشْهِدَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ مَعَ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ سَنَةَ اثْنَتِيْ عَشْرَةَ، وَرَوَى عَنْهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَغَيْرُهُ. (فَلَمَّا نَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [الحجرات: ٢] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ) . وَهُوَ قَوْلُهُ: {وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} [الحجرات: ٢] (جَلَسَ ثَابِتٌ فِي بَيْتِهِ وَاحْتَبَسَ) ، أَيْ: نَفْسَهُ (عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ) : اسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الْآيَةَ الْمَذْكُورَةَ نَزَلَتْ سَنَةَ تِسْعٍ، وَسَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ سَنَةَ خَمْسٍ، وَأُجِيبَ: بِأَنَّ مَا نَزَلَ فِي قِصَّةِ ثَابِتٍ مُجَرَّدُ رَفْعِ الصَّوْتِ لَا أَوَّلُ السُّورَةِ، وَهُوَ: {لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ} [الحجرات: ١] (قَالَ) ، أَيِ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِسَعْدٍ حَيْثُ كَانَ رَئِيسَهُمْ (" مَا شَأْنُ ثَابِتٍ ") ، أَيْ: حَيْثُ أَنَّهُ غَيْرُ ثَابِتٍ مَعَنَا (" أَيَشْتَكِي ") أَيْ: مَرَضًا أَوْ وَجَعًا، فَكَأَنَّهُ تَحَيَّرَ فِي الْجَوَابِ وَلَمْ يَعْرِفْ طَرِيقَ الصَّوَابِ (فَأَتَاهُ) ، أَيْ: ثَابِتًا (سَعْدٌ فَذَكَرَ) ، أَيْ: سَعْدٌ (لَهُ) ، أَيْ: لِثَابِتٍ (قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) ، أَيْ: فِي تَفَقُّدِهِ (فَقَالَ ثَابِتٌ: أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ) أَيِ: الْمُتَقَدِّمَةُ (وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي مِنْ أَرْفَعِكُمْ صَوْتًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ: بِحَسْبِ الْجِبِلَّةِ (فَأَنَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ) وَلَمْ يَعْرِفْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ رَفْعُ الصَّوْتِ يَكُونُ اخْتِيَارِيًّا يَقْتَضِي قِلَّةَ الْأَدَبِ (فَذَكَرَ ذَلِكَ) ، أَيْ: تَعْلِيلَ ثَابِتٍ (سَعْدٌ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " بَلْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ") . أَيْ: حَيْثُ بَالَغَ فِي الْأَدَبِ، حَتَّى لَمْ يَجُوزْ رَفْعُ الصَّوْتِ الْجِبِلِيِّ أَيْضًا، وَوَقَعَ مِصْدَاقُ ذَلِكَ أَنَّهُ قُتِلَ بِالْيَمَامَةِ شَهِيدًا، وَقَدْ نَقَلَ الْكَوْرَانِيُّ عَنْ أَنَسٍ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ قِتَالِ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ تَحَنَّطَ وَلَبِسَ الْكَفَنَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ فِي كَفَنِهِ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) : وَالنَّسَائِيُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>