للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والثاني: يهديه إلى الدلائل المؤدية إلى الحق. {يَشْرَحْ صدْرَهُ لِلإِسْلَامِ} يعني بشرح الصدر سعته لدخول الأسلام إيه وثبوته فيه كقوله تعالى: {أَلَمْ نَشَرْحْ لَكَ صَدْرَك} [الشرح: ١]. روى عمرو بن مرة عن أبي جعفر قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي المؤمنين أكْيَس؟ قال: (أَكْثَرُهُم ذِكْراً لِلْمَوتِ وَأَحْسَنُهُمْ لِمَا بَعْدَهُ اسْتِعْدَاداً) قال: وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية: قالوا: كيف يشرح صدره يا رسول الله؟ قال: (نُوْرٌ يُقْذَفُ فَيَنْشَرِحُ لَهُ وَيَنفَسِحُ) قالوا: فهل لذلك أمارة يُعْرَفُ بها؟ قال: (الإِنَابَةُ إِلَى دَارِ الخُلُودِ وَالتَّجَافِي عَنْ دَارِ الغُرورِ وَالاسْتِعْدَادِ لِلْمَوتِ قَبْلَ لِقَاءِ المَوتِ) وروى ابن مسعود مثل ذلك. ثم قال: {وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ} فيه قولان: أحدهما: يضله عن الهداية إلى الحق. والثاني: عن نيل الثواب واستحقاق الكرامة. {يَجْعَلُ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً} يعني ضيقاً لا يتسع لدخول الإسلام. {حَرَجاً} فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أن يكون شديد الصلابة حتى لا يثبت فيه شيء. والثاني: شديد الضيق حتى لا يدخله شيء. والثالث: أن موضعه مُبْيَض. {كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَآءِ} فيه أربعة أوجه: أحدها: كأنه كُلِّف الصعود إلى السماء في امتناعه عليه وبعده منه. والثاني: كأنه لا يجد مسلكاً لضيق المسالك عليه إلا صعوداً في السماء يعجز عنه. والثالث: كأنه قلبه بالنبو عنه والنفور منه صاعداً إلى السماء. والرابع: كأن قلبه يصعد إلى السماء بمشقته عليه وصعوبته عنده. ثم قال تعالى: {كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} في الرجس خمسة تأويلات: أحدها: أنه ما لا خير فيه , قاله مجاهد. والثاني: أنه العذاب , قاله ابن زيد. والثالث: السخط , قاله ابن بحر. والرابع: انه الشيطان , قاله ابن عباس. والخامس: أن الرجس والنجس واحد , وهو قول بعض نحويي الكوفة , وحكاه عَلِيُّ بن عيسى. وقد روى قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا دخل الخلاء قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>