{وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم} قوله عز وجل: {فَتُوبُوا إلى بَارِئِكُمْ} يعني: فارجعوا إلى طاعة خالقكم , والبارئ الخالق , والبريَّة الخلق , وهي فعيلة , بمعنى مفعولة , غير أنها لا تهمز. واختلفوا في هذه التسمية على أربعة أقاويل: أحدها: أنها مأخوذة من برأ اللهُ الخلْق , يبرَؤُهُم برءاً. والثاني: أنها فعلية من البرء , وهو التراب. والثالث: أنها مأخوذة من برئ الشيء من الشيء , وهو انفصاله عنه , ومنه البراءة من الدين لانفصاله عنه , وأبرأه الله من المرض , إذا أزاله عنه. وقوله تعالى:{فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} فيه تأويلان: أحدهما: معناه: ليقتل بعضكم بعضاً , وهذا قول ابن عباس , وسعيد بن جبيرٍ , ومجاهد. والثاني: استسلموا للقتل , وجعل ذلك بمنزلة القتل , وهذا قول أبي إسحاق. وأصل القتل: إماتةُ الحركة , ومنه: قتلت الخمر بالماء , إذا مَزَجتها , لأنك أمتَّ حركتها , وإنما جُعل القتل توبة , لأن من كفَّ عن الإنكار لعبادة العجل , إنما كف خوفاً من القتال والقتل , فجُعِلَت توبتهم بالقتل , الذي خافوه , هكذا قال ابن جريج. قال ابن عباسٍ: احْتَبَى الَّذِين عكفوا على العجل فجلسوا , وقام الذين لم يعكُفُوا عليه , وأخذوا الخناجر , وأصابتهم ظلمة فجعل بعضهم يقتل بعضاً , حتى