{وهذا صراط ربك مستقيما قد فصلنا الآيات لقوم يذكرون لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون} قوله عز وجل: {وَهَذا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً} قد ذكرنا أن الصراط هو الطريق , ومنه قول عامر ابن الطفيل:
(شحنا أرضهم بالخيل حتى ... تركناهم أذل من الصراط)
وفيه ها هنا قولان: أحدهما: يريد أن الإِسلام هو الصراط المستقيم إلى الله تعالى , قاله الكلبي. والثاني: يريد أن ما في القرآن من البيان هو الصراط المستقيم. {قَدْ فَصَّلْنَا} يحتمل وجهين: أحدهما: بيَّنَّا. والثاني: ميَّزنا. قوله عز وجل:{لَهُم دَارُ السَّلامِ عِندَ رَبِّهِمْ} وهي الجنة , وفي تسميتها دار السلام وجهان: أحدهما: لأنها دار السلامة الدائمة من كل آفة , قاله الزجاج. والثاني: أن السلام هو الله , والجنة داره , فلذلك سُمِّيَتْ دار السلام , وهذا معنى قول الحسن , والسدي. وفي قوله:{عِندَ رَبِّهِمْ} وجهان: أحدهما: أن دار السلام عند ربهم في الآخرة لأنها أخص به. والثاني: معناه أن لهم عن ربهم أن ينزلهم دار السلام. {وُهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} يحتمل وجهين: أحدهما: وهو ناصرهم في الدنيا على إيمانهم. والثاني: وهو المتولِّي لثوابهم في الآخرة على أعمالهم.