{فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا إن الله سميع عليم ذلكم وأن الله موهن كيد الكافرين} قوله عز وجل: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ} يحتمل وجهين: أحدهما: ولكن الله قتلهم بسوقهم إليكم حتى أمكنكم منهم. والثاني: ولكن الله قتلهم بمعونته لكم حين ألقى في قلوبهم الرعب وفي قلوبكم النصر. وفيه وجه ثالث قاله ابن بحر: ولكن الله قتلهم بالملائكة الذين أمدكم بهم. وقيل لم تقتلوهم بقوتكم وسلاحكم ولكن الله قتلهم بخذلانهم وقبض أرماحهم. {وَمَا رَمَيْتَ إذَ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} فيه أربعة أقاويل: أحدها: ما حكاه ابن عباس , وعرة , والسدي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قبض يوم بدر قبضة من تراب رماهم بها وقال: (شَاهَتِ الْوُجُوهُ) أي قبحت ومنه قول الحطيئة:
(أرى لي وجهاً شوه الله خلقه. . ... فقُبح من وجهٍ وقبح حامله.)
فألقى الله تعالى القبضة في أبصارهم حتى شغلتهم بأنفسهم وأظفر الله المسلمين بهم , فهو معنى قوله تعالى:{وَمَا رَمَيْتَ إذَ رَمَيْتَ وَلَكِنَ اللَّهَ رَمَى}. الثاني: معناه وما ظفرت إذ رميت ولكن الله أظفرك , قاله أبو عبيدة.