{ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم} قوله تعالى: {ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} فيه قولان: أحدهما: أنها نزلت في قريش , وكانوا يسمون الحمس , لا يخرجون من الحرم في حجهم , ويقفون مزدلفة , ويقولون نحن من أهل الله , فلا نخرج من حرم الله , وكان سائر العرب يقفون بعرفات , وهي موقف إبراهيم عليه السلام , فأنزل الله تعالى:{ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} يعني جميع العرب , وهذا قول عائشة , وعروة , ومجاهد , وقتادة. والقول الثاني: أنها أمر لجميع الخلق من قريش وغيرهم , أن يفيضوا من حيث أفاض الناس , يعني بالناس إبراهيم , وقد يعبر عن الواحد باسم الناس , قال الله تعالى:(الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ)[آل عمران: ١٧٣] وكان القائل واحداً , وهو نعيم بن مسعود الأشجعي , وهذا قول الضحاك. وفي قوله تعالى:{وَاسْتَغْفِرُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} تأويلان: أحدهما: استغفروه من ذنوبكم. والثاني: استغفروه مما كان من مخالفتكم في الوقت والإفاضة.