{وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا قالوا سمعنا وعصينا وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم قل بئسما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين} قوله تعالى: { ... خُذُوا مَآءَاتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ} يعني بجد واجتهاد. {وَاسْمَعُواْ} فيه تأويلان: أحدهما: يعني فاعملوا بما سمعتم. الثاني: أي اقبلوا ما سمعتم , كما قيل سمع الله لمن حمده , أي قبل الله حمده , وقال الراجز:
(السمعُ والطاعة والتسليم ... خير وأعفى لبني تميم)
{قَالُوا: سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا} فيه تأويلان: أحدهما: أنهم قالوا ذلك حقيقة , ومعناه سمعنا قولك وعصينا أمرك. والثاني: أنهم لم يقولوه ولكن فعلوا ما دل عليه , فقام الفعل منهم مقام القول كما قال الشاعر:
(امتلأ الحوض وقال قَطْني ... مهلاً رويداً قد ملأت بطني)
{وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ العِجْلَ بِكُفْرِهِمْ} فيه تأويلان: أحدهما: أن موسى برد العجل وذرّاه في الماء , فكان لا يشربه أحد يحب العجل إلا ظهرت نخالة الذهب على شفتيه , وهذا قول السدي , وابن جريج. والثاني: أنهم أُشربوا حب العجل في قلوبهم , يقال أُشرِبَ قلبه حبَّ كذا , قال زهير:
(فصحوتُ عنها بعد حبٍّ داخل ... والحبُّ تُشربه فؤادَك: داءُ)