{يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير} قوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً} والزحف: الدنو قليلاً قليلاً. {فَلَا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ} يعني بالهزيمة منهم والانصراف عنهم. وفيه قولان: أحدهما: أن هذا على العموم في تحريم الهزيمة بعد لقاء العدو. والثاني: مخصوص وهو أن الله تعالى أوجب في أول الإِسلام على كل رجل من المسلمين أن يقف بإزاء عشرة من المشركين لا يحل له بعد اللقاء أن ينهزم عنهم وذلك بقوله: {إِن يَكُن مِّنْكُمْ عِشْرُونَ صَابرُونَ يَغْلِبُواْ مِائَتَينِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةُ يَغْلِبُواْ أَلْفاً مِنَ الَّذينَ كَفرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَاّ يَفْقَهُونَ}[الأنفال: ٦٥] وفيه وجهان: أحدهما: لا يعلمون ما فرضه الله تعالى عليه من الإسلام. الثاني: لا يعلمون ما فرضه الله تعالى عليهم من القتال. ثم نسخ ذلك عنهم بعد كثرتهم واشتداد شوكتهم فأوجب الله تعالى على كل رجل لاقى المشركين محارباً أن يقف بإزاء رجلين بعد أن كان عليه أن يقف بإزاء عشرة تخفيفاً ورخصة وذلك قوله تعالى:{الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وعَلِمَ أَنَّ فِيكُم ضَعْفاً}.