{ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون ولكل درجات مما عملوا وما ربك بغافل عما يعملون} قوله تعالى: {ذَلِكَ أَن لَّمْ يَكُنْ رَّبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ} فيه وجهان: أحدهما: وما كان ربك مهلك القرى بظلم منه ولكن بحق استوجبوا به الهلكة , وهو معنى قول مقاتل. والثاني: وما كان ربك مهلك القرى بظلم أهلها حتى يقدم إنذارهم ويرفع أعذارهم ويخرجوا من حكم الغافلين فيما ينزل بهم , وهو معنى قول مجاهد. قوله عز وجل:{وَلِكُلٍ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا} معناه ولكل عامل بطاعة الله أو معصيته درجات , يعني منازل , وإنما سُمِّيت درجات لتفاضلها كتفاضل الدَرَجِ في الارتفاع والانحطاط. وفيها وجهان: أحدهما: أن المقصود بها الأعمال المتفاضلة. والثاني: أن المقصور بها الجزاء المتفاضل. ويحتمل هذا التفضيل بالدرجات على أهل الجنة , وأهل النار , لأن أهل النار يَتفاضلون في العقاب بحسب تفاضلهم في السيئات , كما يتفاضل أهل الجنة في الثواب لتفاضلهم في الحسنات , لكن قد يعبر عن تفاضل أهل الجنة بالدَرَج , وعن تفاضل أهل النار بالدرك , فإذا جمع بينهما بالتفاضل عبر عن تفاضلهما بالدرج تغليباً لصفة أهل الجنة.