{فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين} قوله عز وجل: {فَدَلَاّهُمَا بِغُرُورٍ} معناه فحطهما بغرور من منزلة الطاعة إلى حال المعصية. فإن قيل: فهل علما عند أكلهما أنها معصية؟ قيل: لا , لأن إقدامهما عليها مع العلم بأنها معصية يجعلها كبيرة , والأنبياء معصومون من الكبائر , وإنما أقدما عليها لشبهة دخلت عليهما بالغرور. {فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا} فإن قيل: فلم بدت لهما سوآتهما ولم تكن بادية لهما من قبل؟ ففي ذلك ثلاثة أجوبة: أحدها: أنهما كانا مستورين بالطاعة فانكشف الستر عنهما بالمعصية. والثاني: أنهما كانا مستورين بنور الكرامة فزال عنهما بذلك المهانة. والثالث: أنهما خرجا بالمعصية من أن يكونا من ساكني الجنة , فزال عنهما ما كانا فيه من الصيانة. {وَطَفِقَا يخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ} في {وَطَفِقَا} وجهان: أحدهما: قاما يخصفان , قاله ابن بحر. والثاني: جعلا يخصفان , أي قطعان. {مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ} وفيه قولان: أحدهما: ورق الموز. والثاني: ورق التين , قاله ابن عباس.