والثاني: التضرع: التذلل والخضوع , والخفية: إخلاص القلب. ويحتمل أن التضرع بالبدن , والخفية إخلاص القلب. {إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} يعني في الدعاء , والاعتداء فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أن يسأل ما لا يستحقه من منازل الأنبياء , قاله أبو مجلز. والثاني: أنه يدعو باللعنه والهلاك على من لا يستحق , قاله مقاتل. والثالث: أن يرفع صوته بالدعاء , روى أبو عثمان النهدي عن أبي موسى الأشعري قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة فأشرفوا واد , فجعل الناس يكبرون ويهللون ويرفعون أصواتهم , فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنفُسكُم إِنَّكُم لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِباً إِنَّكُم تَدْعُونَ سَمِيعاً قَرِيباً وَهُوَ مَعَكُمْ). قوله عز وجل:{وَلَا تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا} فيه أربعة أقاويل: أحدها: لا تفسدوها بالكفر بعد إصلاحها بالإيمان. والثاني: لا تفسدوها بالظلم بعد إصلاحها بالعدل. والثالث: لا تفسدوها بالمعصية بعد إصلاحها بالطاعة , قاله الكلبي. والرابع: لا تفسدوها بقتل المؤمن بعد إصلاحها ببقائه , قاله الحسن. {وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً} يحتمل وجهين: أحدهما: خوفاً من عقابه وطمعاً في ثوابه. والثاني: خوفاً من الرد وطمعاً في الإجابة. {إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ} فإن قيل: فلم أسقط الهاء من قريب والرحمة مؤنثة؟ فعن ذلك جوابان. أحدهما: أن الرحمة من الله إنعام منه فَذُكِّرَ على المعنى , وهو أن إنعام الله قريب من المحسنين , قاله الأخفش.