أحدها: أن هذه حكاية عمن اتبع شعيباً من قومه الذين كانوا قبل اتباعه على ملة الكفر. الثاني: أنه قال ذلك على التوهم أنه لو كان عليها لم يعد إليها. والثالث: أنه يطلق ذكر العَود على المبتدىء بالفعل وإن لم يسبق منه فعل مثله سن قولهم: قد عاد عليّ من فلان مكروه وإن لم يسبقه بمثله كقول الشاعر:
ثم قال:{وَمَا يَكُونُ لَنَا أَن نَّعُودَ فِيهَا إِلَاّ أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا} فيه قولان: أحدهما: أن نعود في القرية إلاّ أن يشاء الله , قاله بعض المتكلمين. والثاني: وهو قول الجمهور أن نعود في ملة الكفر وعبادة الأوثان. فإن قيل فالله تعالى لا يشاء عبادة الأوثان فما وجه هذا القول من شعيب؟ فالجواب عنه من ثلاثة أوجه: أحدها: أنه قد كان في ملتهم ما يجوز التعبد به. والثاني: أنه لو شاء عبادة الوثن لكانت عبادته طاعة لأنه شاءه كتعبده بتعظيم الحجر الأسود. والثالث: أن هذا القول من شعيب علىالتعبيد والامتناع كقوله تعالى: {حَتَّى يَلِجَ الجَمَلُ فِي سَمِّ الخِيَاطِ}[الأعراف: ٤٠] وكقولهم: حتى يشيب الغراب. ثم قال:{رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَومِنَا بِالْحَقِّ وََأَنتَ خَيرُ الْفَاتِحِينَ} فيه وجهان: أحدهما: اكشف بيننا وبين قومنا , قاله قتادة. والثاني: احكم بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الحاكمين. وذكر الفراء , أن أهل عُمان يسمون القاضي الفاتح والفتاح. وقال غيره: إنه لغة مراد , قال الشاعر: