فإن قيل: فِلمَ قال: {فَتَابَ عَلَيْهِ} , ولم يقُلْ: فتابَ علَيْهِما , والتوبة قد توجهت إليهما؟ قيل: عنه جوابان: أحدهما: لما ذكر آدم وحده بقوله: {فَتَلَّقى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ} , ذكر بعده قبول توبته , ولم يذكر توبة حوَّاء وإن كانت مقبولة التوبة , لأنه لم يتقدم ذكرها. والثاني: أن الاثنين إذا كان معنى فعلهما واحداً , جاز أن يذكرَ أحدهما , ويكونَ المعنى لهما , كما قال تعالى:{وَإذَا رَأَوا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْهَا}[الجمعة: ١١] وكما قال عز وجل: {وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ}[التوبة: ٦٢]. قوله تعالى:{إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} , أي الكثيرُ القبولِ للتوبةِ , وعقَّبه بالرحمة , لئلا يخلِّيَ الله تعالى عباده من نِعَمِهِ. وقال الحسن: لم يخلق الله تعالى آدم إلا للأرض , فلو لم يعص لخرج على غير تلك الحال , وقال غيره: يجوز أن يكون خَلَقَهُ للأرض إن عَصَى , ولغيرها إن لم يعصِ. ولم يُخْرجِ اللهُ تعالى آدمَ من الجنة ويُهْبِطهُ على الأرض عقوبةً , لأمرين: أحدهما: أن ذنبه كان صغيراً. والثاني: أنه أُهْبِطَ بعد قبول توبته. وإنما أُهْبِطَ لأحد أمرين: إِمَّا تأديباً , وإمَّا تغليظاً للمحنة.