قوله عز وجل:{وَأَوْحِيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ} قال ابن عباس: العصا أول آيات موسى وكانت من آس الجنة , طولها عشرة أذرع بطول موسى , قصد باب فرعون فألقى عليه الفزع , فشاب فخضب بالسواد استحياء من قومه , فكان فرعون أول من خضب بسواد. {فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ} معنى تلقف هو سرعة التناول إلا أن المراد هنا سرعة ابتلاعه بالفم. قال أبو حاتم: وهي في بعض القراءات تلقم بالميم والتشديد , قال الشاعر:
وفي قوله:{مَا يأْفِكُونَ} وجهان: أحدهما: معناه يقلبون , ومنه المؤتفكات أي المنقلبات , قاله ابن عيسى. والثاني: معناه يكذبون لأن الإفك هو الكذب , قاله مجاهد. فإن قيل: فلم أمر موسى السحرة أن يلقو وذلك منهم كفر ولا يجوز أن يأمر به نبي؟ قيل عن ذلك جوابان. أحدهما: أن مضمون أمره إن كنتم محقين فألقوا. والثاني: القول على ما يصح ويجوز لا على ما يفسد ويستحيل. قوله:{فَوَقَعَ الْحَقُّ} أي ظهر الحق , قاله الحسن , ومجاهد , وفي الحق الذي ظهر فيه قولان: أحدهما: ظهرت عصا موسى على حبال السحرة. والثاني: ظهرت نبوة موسى على ربوبية فرعون. قوله عز وجل:{وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ} في سجودهم قولان: أحدهما: أنهم سجدوا لموسى تسليماً له وإيماناً به. والثاني: أنهم سجدوا لله إقراراً بربوبيته , لأنهم {قَالُواءَامَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ}. وفي سجودهم قولان: أحدهما: أن الله ألهمهم ذلك لطفاً بهم. والثاني: أن موسى وهارون سجدا شكراً لله عند ظهور الحق على الباطل فاقتدوا بهما في السجود لله طاعة.