والخامس: النادم , قاله ابن قتيبة. وفي غضبه وأسفه قولان: أحدهما: غضبان من قومه على عبادة العجل؟ أسفاً على ما فاته من مناجاة ربه. والثاني: غضبان على نفسه في ترك قومه حتى ضلوا , أسفاً على ما رأى في قومه من ارتكاب المعاصي. وقال بعض المتصوفة إن غضبه للرجوع عن مناجاة الحق إلى مخاطبة الخلق. {قَالَ بِئْسَ مَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدي} يعني بعباة العجل. {أَعَجِلْتُم أَمْرَ رَبِّكُمْ} فيه قولان: أحدهما: يعني وعد ربكم الذي وعدني به من الأربعين ليلة , وذلك أنه قَدَّروا أنه قد مات لمَّا لم يأت على رأس الثلاثين ليلة , قاله الحسن , والسدي. والثاني: وعد ربكم بالثواب على عبادته حتى عدلتم إلى عبادة غيره , قاله بعض المتأخرين. والفرق بين العجلة والسرعة أن العجلة: التقدم بالشيء قبل وقته , والسرعة: عمله في أقل أوقاته. {وَأَلْقَى الألْوَاحَ} وفي سبب إلقائها قولان: أحدهما: غضباً حين رأى عبادة العجل , قاله ابن عباس. والثاني: أنه ألقاها لما رأى فيها فضائل غير قومه من أمة محمد صلى الله عليه وسلم أنهم خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالله , قال: رب فاجعلهم أمتي قال: تلك أمة أحمد , فاشتد عليه فألقاها , قاله قتادة. وكانت التوراة سبعة أسباع فلما ألقى موسى الألواح فتكسرت رفع منها ستة أسباعها وكان فيما رفع تفصيل كل شيء الذي قال الله {وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الألْوَاحِ من كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْضِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ} وبقي الهدى والرحمة في السبع الباقي , وهو الذي قاله الله:{أَخَذَ الأَلْوَاحَ وَفي نُسْخَتِهَا هُدىً وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبّهِمْ يَرْهَبُونَ}.