ليقاتل بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم , سوى من انحاز إليه من العرب , قاله سعيد ومجاهد والحكم بن عيينة , وفي ذلك يقول كعب بن مالك:
(وجئنا إلى موج من البحر وسطه ... أحابيش منهم حاسرٌ ومقنع)
(ثلاثة آلافٍ ونحن نَصِيَّة ... ثلاثُ مئينٍ إن كثرنا فأربع)
{فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيهِم حَسْرَةً} يحتمل وجهين: أحدهما: يكون إنفاقها عليهم حسرة وأسفاً عليها. والثاني: تكون خيبتهم فيما أملوه من الظفر عليهم حسرة تحذرهم بعدها. {ثُمَّ يُغْلَبُونَ} وعد بالنصر فحقق وعده. قوله عز وجل {لِيَمِيزَ اللَّهُ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} فيه وجهان: أحدهما: الحلال من الحرام. الثاني: الخبيث ما لم تخرج منه حقوق الله تعالى , والطيب: ما أخرجت منه حقوق الله تعالى. يحتمل ثالثاً: أن الخبيث: ما أنفق في المعاصي , والطيب: ما أنفق في الطاعات. {وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ} أي يجمعه في الآخرة وإن تفرق في الدنيا {فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً} أي يجعل بعضه فوق بعض , ومنه قوله تعالى:{ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً}[النور: ٤٣]. وفي قوله تعالى {فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ} وإن كانت الأموال لا تعذّب وجهان: أحدهما: أن يجعلها عذاباً في النار يعذبون بها , كما قال تعالى:{يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ}[التوبة: ٣٥] الآية. الثاني: أنه يجعل أموالهم معهم في جهنم لأنهم استطالوا بها وتقووا على معاصي الله فجعلها معهم في الذل والعذاب كما كانت لهم في الدنيا عزاً ونعيماً.