فجمع بين اللُّغَتين. قوله عز وجل:{وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ} فيه تأويلان: أحدهما: وإذ فصلنا بكم البحر , لأن الفرْقَ: الفصل بين الشيئين , فَفَرَقَ البحر اثني عشر طريقاً , وكان عددهم ستمائة ألفٍ وعشرين ألفاً , لا يُعَدُّ فيهم ابن عشرين لصغره ولا ابن ستين لكبره , وكان على مقدمة فرعونَ هامانُ في ألْفِ ألْفٍ , وسبعمائة حصانٍ , وذلك قوله:{فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ في الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ. إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْ ذِمَةٌ قَلِيلُونَ}[الشعراء: ٥٣ , ٥٤] وهذا قول السدي. والثاني: أن معناه: وإذ فرقنا بينكم وبين البحر , أي ميزنا , فأصل الفرق التمييز بين الشيئين , والفِرْقَةُ من الناس: الطائفة المتميزة من غيرهم. والبحر سُمِّيَ بحراً لسعته وانبساطه , ومنه قولهم: تبحَّر في العلم , إذا اتَّسع فيه , والبَحِيرَةُ: الناقةُ تُشَقُّ أُذُنُها شَقّاً واسعاً. قوله تعالى:{فَأَنْجَيْناكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ} فحذف ذِكْرَ فرْعَوْنَ وإن غَرِقَ معهم , لأنه قد عُلِمَ دخوله فيهم. قوله تعالى:{وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} يعني إلى فَرْقِ البحر , حتى سلكوا فيه , وانطباقه على آل فرعون , حتى غرقوا فيه.