والثاني: أنه قول طائفة من سلفهم. والثالث: أنه قول جماعة ممن كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. واختلف فيهم على قولين: أحدهما: أنه فنحاص وحده , ذكر ذلك عبيد بن عمير وابن جريج. والثاني: أنهم جماعة وهم سلام ابن مشكم ونعمان بن أبي أوفى وشاس بن قيس ومالك بن الصيف , وهذا مروي عن ابن عباس. فإن قيل: فإذا كان ذلك قول بعضهم فلم أضيف إلى جميعهم؟ قيل: لأن من لم يقله عند نزول القرآن لم ينكره , فلذلك أضيف إليهم إضافة جمع وإن تلفظ به بعضهم. {وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ} وهذا قول جميعهم , واختلف في سبب قولهم لذلك على قولين: أحدهما: أنه لما خلق من غير ذكر من البشر قالوا إنه ابن الله , تعالى الله عن ذلك. الثاني: أنهم قالوا ذلك لأجل من أحياه من الموتى وأبرأه من المرضى. {ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْواهِهِمْ} معنى ذلك: وإن كانت الأقوال كلها من الأفواه: أنه لا يقترن به دليل ولا يعضده برهان , فصار قولاً لا يتجاوز الفم فلذلك خص به. {يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ من قبلُ} أي يشابهون , مأخوذ من قولهم امرأة ضهياء إذا لم تحض تشبيهاً بالرجال ومنه ما جاء في الحديث:(أَجرَأُ النَّاسِ عَلى اللَّهِ تَعَالَى الَّذِينَ يُضَاهِئُونَ خَلْقَهُ) أي يشبهون به. وفيهم ثلاثة أقاويل: أحدها: أن قولهم ذلك يضاهي قول عبدة الأوثان في اللات والعزى ومناة وأن الملائكة بنات الله , قاله ابن عباس وقتادة. والثاني: أن قول النصارى المسيح ابن الله يضاهي قول اليهود عزير ابن الله , قاله الطبري. والثالث: أنهم في تقليد أسلافهم يضاهون قول من تقدمهم , قاله الزجاج. {قَاتََلَهُمُ اللَّهُ} فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: معناه لعنهم الله , قاله ابن عباس ومنه قول عبيد بن الأبرص: