قوله عز وجل {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ ... } أما النسيء في الأشهر فهو تأخيرها , مأخوذ من بيع النسيئة , ومنه قوله تعالى {مَا نَنسَخُ مِنْءَايَةٍ أَوْنُنسِهَا} أي نؤخرها. وفي نَسْء الأشهر قولان. أحدهما: أنهم كانوا يؤخرون السنة أحد عشر يوماً حتى يجعلوا المحرم صفراً , قاله ابن عباس. والثاني: أنهم كانوا يؤخرون الحج في كل سنتين شهراً. قال مجاهد: فحج المسلمون في ذي الحجة عامين , ثم حجوا في المحرم عامين: ثم حجوا في صفر عامين , ثم في ذي القعدة عامين الثاني منهما حجة أبي بكر قبل حجة النبي صلى الله عليه وسلم من قابل في ذي الحجة فذلك حين يقول:(إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ) وكان المنادى بالنسيء في الموسم: من بني كنانة على ما حكاه أبو عبيدة , وقال شاعرهم عمير بن قيس:
(ألسنا الناسئين على مَعَدٍّ ... شهور الحل نجعلُها حَراماً)
واختلف في أول من نسأ الشهور منهم , فقال الزبير بن بكار: أول من نسأ الشهور نعيم بن ثعلبة بن الحارث ابن مالك بن كنانة. وقال أيوب بن عمر الغفاري: أول من نسأ الشهور القَلمّس الأكبر وهو عدي بن عامر بن ثعلبة بن الحارث بن مالك بن كنانة , وآخر من نسأ الشهور أبو ثمامة جنادة بن عوف إلى أن نزل هذا التحريم سنة عشر وكان ينادي إني أنسأ الشهور في كل عام , ألا أن أبا ثمامة لا يجاب ولا يعاب , فحرم الله سبحانه بهذه الآية النسيء وجعله زيادة في الكفر.