{وَآتَانِي رَحْمَة مِنْ عِنْدِهِ} فيها وجهان: أحدهما: الإيمان. والثاني: النبوة , قاله ابن عباس. {فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ} يعني البينة في قوله {إنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةِ مِن رَبِّي} وإنما قال {فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ} وهم الذين عموا عنها , لأنها خفيت عليهم بترك النظر فأعماهم الله عنها. وقرأ حمزة والكسائي وحفص {فعميت عليكم} بضم العين وتشديد الميم , وفي قراءة أُبي {فعمّاها} وهي موافقة لقراءة من قرأ بالضم على ما لم يسم فاعله. وفي الذي عماها على هاتين القراءتين وجهان: أحدهما: أن الله تعالى عماها عليهم. الثاني: بوسوسة الشيطان. وما زينه لهم من الباطل حتى انصرفوا عن الحق. وإنما قصد نبي الله نوح بهذا القول لقومه أن يرد عيهم قولهم {وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ} ليظهر فضله عليهم بأنه على بينة من ربه وآتاه رحمة من عنده وهم قد سلبوا ذلك , فأي فضل أعظم منه. ثم قال تعالى:{أَنُلْزِمْكَمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ} فيها وجهان: أنلزمكم الرحمة , قاله مقاتل. الثاني: أنلزمكم البينة وأنتم لها كارهون , وقبولكم لها لا يصح مع الكراهة عليها. قال قتادة والله لو استطاع نبي الله نوح عليه السلام لألزمها قومه ولكنه لم يملك ذلك.