أحدها: أنه منسوخ بقوله تعالى {فاقتلوا المشركين}[التوبة: ٥] قاله ابن عباس. الثاني: أعرض عن الاهتمام باستهزائهم. الثالث: معناه بالاستهانة بهم , قاله ابن بحر. ثم فيه وجهان: أحدهما: اصدع الحق بما تؤمر من اظهاره. الثاني: اصدع الباطل بما تؤمر من إبطاله. قوله تعالى:{إنّا كفيناكَ المستهزئينَ} وهم خمسة: الوليد بن المغيرة , والعاص بن وائل , وأبو زمعة , والأسود بن عبد يغوث , والحراث بن الطلاطلة. أهلكهم الله جميعاً قبل بدر لاتسهزائهم برسول الله صلى الله عليه وسلم. وسبب هلاكهم ما حكاه مقسم وقتادة أن الوليد بن المغيرة ارتدى فعلق سهم بردائه , فذهب فجلس فقطع أكحله فنزف فمات. وأما العاص بن وائل فوطىء على شوكة , فتساقط لحمه عن عظامه , فمات , وأما أبو زمعة فعمى. وأما الأسود بن عبد يغوث فإنه أتى بغصن شوك فأصاب عينيه , فسالت حدقتاه على وجهه , فكان يقول:[دعا] عليّ محمد فاستجيب له , ودعوت عليه فاستجيب لي , دعا عليّ أن أعمى فعميت , ودعوت عليه أن يكون طريداً بيثرب , فكان كذلك , وأما الحارث بن الطلاطلة فإنه استسقى بطنه , وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجبريل [حين] نزل عليه بقوله تعالى: {إنا كفيناك المستهزئين}(دع لي خالي) يعني الأسود بن الطلاطلة فقال له: كفيت. قوله عز وجل:{ولقد نعلم أنّك يضيق صدرك} أي قلبك لأن الصدر محل القلب. {بما يقولون} يعني من الاستهزاء , وقيل من الكذب بالحق. {فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين} فيه وجهان: