فقيل:{فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} لأنه من اعتقد أنه من أهل الجنة , كان الموت أحب إليه من الحياة , لما يصير إليه من نعم الجنة , ويزول عنه من أذى الدنيا , ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(لَو أَنَّ اليَهُودَ تَمَنَّوُا المَوتَ لَمَاتُوا وَرَأَوْا مَقَامَهُم مِنَ النَّارِ). ثم قال تعالى:{وَلَنْ يَتَمَنَّوهُ أَبَدا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ} تحقيقاً لكذبهم , وفي تركهم إظهار التمني قولان: أحدهما: أنهم علموا أنهم لو تمنوا الموت لماتوا , كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم , فلذلك لم يتمنوه وهذا قول ابن عباس. الثاني: أن الله صرفهم عن إظهار التمني , ليجعل ذلك آية لنبيه صلى الله عليه وسلم. ثم قال تعالى:{وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ} يعني اليهود. {وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا} يعني المجوس , لأن المجوس هم الذين {يَودُّ أَحَدُهُمْ لو يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ} , كان قد بلغ من حبهم في الحياة أن جعلوا تحيتهم (عش ألف سنة) حرصاً على الحياة , فهؤلاء الذين يقولون: أن لهم الجنة خالصة أحب في الحياة من جميع الناس ومن هؤلاء. {وَمَا هُو بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ} أي بمباعده من العذاب {أَن يُعْمَّرُ} لأنه لو عمَّر ما تمنى , لما دفعه طول العمر من عذاب الله على معاصيه.