بني إسرائيل ورثا عن أبيهما مالاً جزيلاً , قال ابن عباس ثمانية آلاف دينار. فأخذ أحدهما حقه وهو مؤمن فتقرب به إلى الله تعالى , وأخذ الآخر حقه منه وهو كافر فتملك به ضياعاً منها هاتان الجنتان , ولم يتقرب إلى الله تعالى بشيء منه , فكان من حاله ما ذكره الله من بعد , فجعله الله تعالى مثلاً لهذه الأمة. والقول الثاني: أنه مثل ضربه الله تعالى لهذه الأمة , وليس بخبر عن حال متقدمة , ليزهد في الدنيا ويرغب في الآخرة , وجعله زجراً وإنذاراً. قوله عز وجل:{وكان له ثمرٌ} قرأ عاصم بفتح الثاء والميم , وقرأ أبو عمرو بضم الثاء وإسكان الميم , وقرأ الباقون ثُمُر بضم الثاء والميم. وفي اختلاف هاتين القراءتين بالضم والفتح قولان: أحدهما: معناهما واحد , فعلى هذا فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: أنه الذهب والفضة , قاله قتادة , لأنها أموال مثمرة. الثاني: أنه المال الكثير من صنوف الأموال , قاله ابن عباس لأن تثميره أكثر الثالث: أنه الأصل الذي له نماء , قاله ابن زيد , لأن في النماء تثميراً. والقول الثاني: أن معناهما بالضم وبالفتح مختلف , فعلى هذا في الفرق. بينهما , أربعة أوجه: أحدها: أنه بالفتح جمع ثمرة , وبالضم جمع ثمار. الثاني: أنه بالفتح ثمار النخيل خاصة , وبالضم جميع الأموال , قاله ابن بحر. الثالث: أنه بالفتح ما كان ثماره من أصله , وبالضم ما كان ثماره من غيره. الرابع: أن الثمر بالضم الأصل , وبالفتح الفرع , قاله ابن زيد. وفي هذا الثمر المذكور قولان: أحدهما: أنه ثمر الجنتين المتقدم ذكرهما , وهو قول الجمهور. الثاني: أنه ثمر ملكه من غير جنتيه , وأصله كان لغيره كما يملك الناس ثماراً لا يملكون أصولها , قاله ابن عباس , ليجتمع في ملكه ثمار أمواله وثمار غير أمواله فيكون أعم مِلكا. {فقال لصاحبه} يعني لأخيه المسلم الذي صرف ماله في القُرب طلباً للثواب