الثاني: إن ذلك منه على وجه الاعتبار ليظهر لهم صحة نبوته ووضوح محبته , وأن ما أبطل السحر لم يكن سحراً. وختلفوا في عدد السحرة فحكي عن القاسم بن أبي بزة أنهم كانواْ سبعين ألف ساحر , وحكي عن ابن جريج أنهم كانواْ تسعمائة ساحر , ثلاثمائة من العريش , وثلاثمائة من الفيوم , ويشكون في الثلاثمائة من الإسكندرية , وحكى أبو صالح عن ابن عباس أنهم كانواْ اثنين وسبعين ساحراً , منهم اثنان من القبط وسبعون من بني إسرائيل , كانواْ في أول النهار سحرة وفي آخرة شهداء. {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} يحتمل وجهين: أحدهما: أنه يخيل ذلك لفرعون. الثاني: لموسى كذلك. {فَأَوْجسَ فِي نَفْسِهِ خِيِفَةً مُّوسَى} وفي خوف وجهان: أحدهما: أنه خاف أن يلتبس على الناس أمرهم فيتوهمواْ أنهم فعلواْ مثل فعله وأنه من جنسه. الثاني: لما هو مركوز في الطباع من الحذر. وأوجس: بمعنى أسر. {قُلْنَا لَا تَخَفْ ... } الآية. تثبيتاً لنفسه , وإزالة لخوفه. قوله تعالى:{وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُواْ} أي تأخذه بفيها ابتلاعاً بسرعة , فقيل إنها ابتلعت حمل ثلاثمائة بعير من الحبال والعصي , ثم أخذها موسى ورجعت عصا كما كانت. وفيها قولان: أحدهما: أنها كانت من عوسج , قاله وهب. الثاني: من الجنة , قاله ابن عباس , قال: وبها قتل موسى عوج بن عناق.