والثاني: أنها أيام التشريق الثلاثة , وهذا قول عطية العوفي. والثالث: أنها يوم التروية ويوم عرفة ويوم النحر , وهذا قول الضحاك. {عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} يعني على نحر ما رزقهم نحره من بهيمة الأنعام , وهي الأزواج الثمانية من الضحايا والهدايا. {فَكَلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} في الأكل والإِطعام ثلاثة أوجه: أحدها: أن الأكل والإِطعام واجبان لا يجوز أن يخل بأحدهما , وهذا قول أبي الطيب بن سلمة. والثاني: أن الأكل والإطعام مستحبان , وله الاقتصار على أيهما شاء وهذا قول أبي العباس بن سريج. والثالث: أن الأكل مستحب والإطعام واجب , وهذا قول الشافعي , فإن أطعم جميعها أجزأه , وإن أكل جميعها لم يُجْزه , وهذا فيما كان تطوعاً , وأما واجبات الدماء فلا يجوز أن نأكل منها. وفي {الْبآئِسَ الْفَقِيرَ} خمسة أوجه: أحدها: أن الفقير الذي به زمَانةٌ , وهو قول مجاهد. والثاني: الفقير الذي به ضر الجوع. والثالث: أن الفقير الذي ظهر عليه أثر البؤس. والرابع: أنه الذي يمد يده بالسؤال ويتكفف بالطلب. والخامس: أنه الذي يؤنف عن مجالسته. قوله عز وجل:{ثُمَّ لْيَقْضَواْ تَفَثَهُمْ} فيه أربعة تأويلات: أحدها: مناسك الحج، وهو قول ابن عباس , وابن عمر. والثاني: حلق الرأس , وهو قول قتادة , قال أمية بن أبي الصلت.
والثالث: رمي الجمار , وهو قول مجاهد. والرابع: إزالة قشف الإِحرام من تقليم ظفر وأخذ شعر وغسل واستعمال الطيب , وهو قول الحسن. وقيل لبعض الصلحاء: ما المعنى في شعث المحرم؟ قال: ليشهد الله تعالى منك الإِعراض عن العناية بنفسك فيعلم صدقك في بذلها لطاعته. وسئل الحسن عن التجرد في الحج فقال: جرّد قلبك من السهو , ونفسك من اللهو ولسانك من اللغو , ثم يجوز كيف شئت. وقال الشاعر:
(قضوا تفثاً ونحباً ثم سارواْ ... إلى نجدٍ وما انتظروا علياً)
{وَلْيُوفُواْ نُذُورَهُمْ} وهو تأدية ما نذروه في حجهم من نحر أو غيره. {وَلْيَطَّوَّفُواْ بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} يعني طواف الإِفاضة , وهو الواجب في الحج