قوله عز وجل:{وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ} في البدن ثلاثة أقاويل: أحدها: أنها الإِبل , وهو قول الجمهور. والثاني: أنها الإِبل , والبقر , والغنم , وهو قول جابر , وعطاء. والثالث: كل ذات خُفٍّ وحافر من الإِبل , والبقر , والغنم , وهو شاذ حكاه ابن الشجرة , وسميت بُدْناً لأنها مبدنة في السمن , وشعائر الله تعالى دينه في أحد الوجهين , وفروضه في الوجه الآخر. وتعمق بعض أصحاب الخواطر فتأول البُدْن أن تطهر بدنك من البدع , والشعائر أن تستشعر بتقوى الله وطاعته , وهو بعيد. {لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ} فيه تأويلان: أحدهما: أي أجر , وهو قول السدي. والثاني: منفعة فإن احْتِيجَ إلى ظهرها رُكبَ , وإن حُلِبَ لَبَنُها شُرِبَ , وهو قول إبراهيم النخعي. {فَاذْكُرُواْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوآفَّ} وهي قراءة الجمهور , وقرأ الحسن: صوافي , وقرأ ابن مسعود: صوافن. فتأول صواف على قراءة الجمهور فيه ثلاثة أوجه: أحدها: مصطفة , ذكره ابن عيسى. والثاني: قائمة لتصفّد يديها بالقيود , وهو قول ابن عمر. والثالث: معقولة , وهو قول مجاهد. وتأويل صوافي , وهي قراءة الحسن: أي خالصة لله تعالى , مأخوذ من الصفوة. وتأويل صوافن وهي قراءة ابن مسعود: أنها مصفوفة , وهو أن تَعقِل إحدى يديها حتى تقف على ثلاث , مأخوذ من صفن الفرس إذا ثنى إحدى يديه حتى يقف على ثلاث , ومنه قوله تعالى:{الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ} وقال الشاعر: