(إنَّ العسير بها دَاءٌ يُخَامِرُها ... فشطرُهَا نظَرُ العَيْنَيْنِ مَحْسُورُ)
أي نحوها , والشطر من الأضداد , يقال: شطر إلى كذا إذا أقبل نحوه , وشطر عن كذا إذا بَعُدَ منه وأعرض عنه , وشِطْرُ الشيء: نصفه , فأما الشاطر من الرجال فلأنه قد أخذ في نحوٍ غير الإِستواء. قوله تعالى:{الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} يعني به الكعبة , لأنها فيه فعبر به عنها. واختلف أهل العلم في المكان , الذي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يولي وجهه إليه: فقال عبد الله بن عمرو بن العاص: {فَلَنُولِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} قال: حيال ميزاب الكعبة. وقال عبد الله بن عباس: البيت كله , وقبلة البيت الباب. ثم قال تعالى:{وَحَيْثُمَا كَنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُم شَطْرَهُ} يعني نحو المسجد الحرام أيضاً تأكيداً للأمر الأول لأن عمومه يقتضيه , لكن أراد بالتأكيد احتمال التخصيص , ثم جعل الأمر الأول مواجهاً به النبي صلى الله عليه وسلم , والثاني مواجهاً به جميع الناس , فكلا الأمرين عام في النبي صلى الله عليه وسلم وجميع أمته , لكن غاير بين الأمرين ليمنع من تغيير الأمر في المأمور به , وليكون كل واحد منهما جارياً على عمومه. ثم قال تعالى:{وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} يعني اليهود والنصارى. {لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ} يعني تحويل القبلة عن بيت المقدس إلى الكعبة. {وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ} من الخوض في إِفْتَانِ المسلمين عن دينهم بذلك.