والثاني: اللاعنون: الاثنان إذا تلاعنا لحقت اللعنة مستحقها منهما , فإن لم يستحقها واحد منهما رجعت اللعنة على اليهود , وهذا قول ابن مسعود. والثالث: أنهم البهائم , إذا يبست الأرض قالت البهائم هذا من أجل عُصاةِ بني آدم , وهذا قول مجاهد وعكرمة. والرابع: أنهم المؤمنون من الإنس والجن , والملائكة يَلعنون مَنْ كَفَر بالله واليوم الآخر , وهذا قول الربيع بن أنس. {إِلَاّ الَّذِينَ تَابُوا} يعني بالإسلام من كفرهم {وَأَصْلَحُوا} يحتمل وجهين: أحدهما: إصلاح سرائرهم وأعمالهم. والثاني: أصلحوا قومهم بإرشادهم إلى الإسلام {وَبَيَّنُوا} يعني ما في التوراة من نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ووجوب اتَباعه {فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِم} والتوبة من العباد: الرجوع عن الذنب , والتوبة من الله تعالى: قبولها من عباده. قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ} وإنما شرط الموت على الكفر لأن حُكْمَهُ يستقر بالموت عليه ويرتفع بالتوبة منه. {أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ} واللعنة من العباد: الطرد , ومن الله تعالى: العذاب. {وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} وقرأ الحسن البصري: {وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعُونَ} بالرفع , وتأويلها: أولئك جزاؤهم أن يلعنهم الله وتلعنهم الملائكة ويلعنهم الناس أجمعون. فإن قيل: فليس يلعنهم جميع الناس لأن قومهم لا يلعنونهم , قيل: عن هذا جوابان: أحدهما: أن اللعنة من أكثر الناس يطلق عليها لعنة جميع الناس , فغلب حكم الأكثر على الأقل. والثاني: أن المراد به يوم القيامة يلعنهم قومهم مع جميع الناس كما قال تعالى: {يَومَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضِ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً}[العنكبوت: ٢٥]. ثم قال تعالى:{خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ} فيه تأويلان: